عاصم بن ثابت: كان يبغض الشرك وأهله أشد ما يكون البغض وأبلغه، حتى أنه نذر إلى الله أن لا يمس مشركاً ولا يمسه مشرك. وكان من الرماة المشهود لهم بإجادة الرمي، وكان يوم أحد يرمي المشركين فأصاب مقاتلا من المشركين شاباً يقال له مسافع بن طلحة فهرع إلى أمه سلافة بنت محمد سعد والدم يتدفق منه، فوضعته على فخذها وهو يجود بأنفاسه وسألته: يا بني من أصابك؟ قال أصابني رجل قال: خذها وانا ابن أبي الأقلح. فامتلأ قلبها حقداً فقالت: علي إن أمكنت من عاصم بن أبي الأقلح أن أشرب في قحف رأسه الخمر ولم يمض على يوم أحد سوى عام أو دونه حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رهط من قبيلة عضل والقارة فقالوا يا رسول الله: إن فينا إسلاماً فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ، ويعلموننا شرائع الإسلام. فبعث معم ستة نفر منهم عاصم ،فلما وصلوا إلى ماء لهذيل يقال له الرجيع غدر بهم القوم وأحاطوا بهم وسيوفهم مشرعة، فأسرع المسلمون الستة إلى سيوفهم فاستلوها ،فقال لهم الغادرون: إنا لا نريد قتلكم ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئاً من أهل مكة فأبي عاصم وثلاثة آخرون الاستسلام فقاتلوا حتى استشهدوا. وأرادوا أن يأخذوا رأس عاصم ليبيعوه لسلافة بنت سعد لعلمهم بما نذرت فلما اقتربوا منه أرسل الله النحل فأخذت تدور حول رأسه، فقال القوم: دعوه حتي يمسي وتذهب النحل عنه. فأرسل الله مطراً غزيراً أسال الوادى بالماء ، فاحتمل جثة عاصم ، فلما أصبحوا لم يجدوا لها اثراً.وعندما بلغ المسلمون أن النحل منعت عاصماً، قال عمر بن الخطاب: كان عاصم قد نذر أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركاً أبداً في حياته، فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه في حياته