موقف:
– ذكر المؤرخون أن سيدنا عمر بن الخطاب المعروف بشدته وقوة بأسه كان يعد موائد الطعام للناس فى المدينة ذات يوم رأى رجلاً يأكل بشماله فجاءه من خلفه ، وقال : يا عبدالله كل بيمينك . فأجابه الرجل : يا عبدالله إنها مشغولة فكرر سيدنا عمر القول مرتين فأجابه الرجل بنفس الاجابة . فقال له عمر : وما شغلها ؟ فأجابه الرجل : أصيبت يوم مؤتة فعجزت عن الحركة . فجلس إليه سيدنا عمر وبكى وهو يسأله : من يوضئك ؟ ومن يغسل لك ثيابك ؟ ومن يغسل لك رأسك ؟ ومن .. , ومن .. , ومن .. ؟ ومع كل سؤال ينهمر دمعه .. ثم أمر له بخادم وراحلة وطعام وهو يرجوه العفو عنه لأنه آلمه بملاحظته على أمر لم يكن يعرف أنه لا حيلة له فيها.
– ثوبان رضي الله عنه: غاب النبي صلى الله عليه وسلم طوال اليوم عن سيدنا ثوبان خادمه وحينما جاء قال له ثوبان: أوحشتني يا رسول الله وبكى، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “اهذا يبكيك ؟” قال ثوبان: لا يا رسول الله ولكن تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة فنزل قول الله تعالى { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّه عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } [69] سورة النساء.
خاطرة:
تاملت في حال نبينا صلى الله عليه وسلم الذي رأى الجنة رأي العين ثم عاد راضيا الى البادية المقفرة يمشي في شعابها مصلحا بلا ضجر ولا شكوى . والذي رأى الملائكة تطوف بالبيت المعمور ثم تأذى بصره بالمشركين وهم يطوفون حول الكعبة وما كانت صلاتهم عندها الا مكاءا وتصدية فلم يكن منه الا ان سأل ربه متوسلا ان يهديهم. وبعد ان رأى الحور العين لم يتعال على نسائه بل ترفق بهن وبنساء المسلمين. وبعد ان صلى بالانبياء فى السماء صلى بعامة المسلمين فى الارض وقد اندس بينهم المنافقون فلم يشغله ذلك عن صلاته ولم يزده الا خشوعا وثباتا. وبعد ان امتطى البراق عاد ليركب ناقته مترفقا بها غير متململ من بطئها ويسمع الاخرى تشتكى من سوء معاملة صاحبها لها فينصفها. *وبعد ان شرفه رب العالمين برحلة ما قام بها بشر من قبله و لا من بعده لم يكن يستنكف ان يتقدم صفوف المجاهدين فى الغزوات حتى شجت رأسه الشريفة . ما كل هذه العظمة سيدي رسول الله؟