قبيلة هوازن؛ هي واحدة من أكبر وأشرس قبائل الجزيرة العربية، وتضم عددا كبيرا من القبائل، وأكبرها بنو نصر، وبنو سعد قبيلة حليمة السعدية مرضعة النبي، وثقيف في الطائف، وكانت القبائل تعيش حياة التفرق والتنافر والإقتتال فيما بينها، وفي أثناء اقامة النبي صلى الله عليه وسلم، في مكة وصل اليه أن عدد كبير من قبائل هوازن قد اجتمعت لأول مرة في تاريخها لحرب المسلمين وقبائل هوازن من القبائل القوية المتغطرسة، والتي رفضت أن تستسلم وتخضع للنبي صلى الله عليه وسلم، فاجتمعت في جيش كبير، بقيادة مالك ابن عوف النَّصْري، كان شابا ومن أشهر فرسانهم ومعروف بخططه العسكرية المميزة وشاعرا وخطيبا مفوها، وله قدرة فائقة على حشد الناس والتأثير عليهم، وقبلت ثقيف أن تسير تحت امرته، وقبل أن يخرج مالك بن عوف أمر هوزان بأن يأخذوا النساء والأطفال والأنعام والأموال وكل ما يمتلكوه فتوضع خلف الجيش، وذلك لتحفيزهم على القتال، ويستميتوا في الدفاع عنهم، وخرج الجيش لحرب النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج مع الجيش شيخهم دريد بن الصمة كان اعمى وعمره أكثر من مئة وعشرين سنة ليأخذوا مشورته ورأيه وقالوا له: لا نخالفك في أمر تراه، فوصل الجيش لوادي أوطاس، على بعد خمسين كيلومتر من مكة، فقال: بأي وادٍ أنتم؟ قالوا: بأوطاس فقال: نعم مجال الخيل، لا حَزْنٌ ضَرِسٌ ولا سَهْلٌ دَهِسٌ، ثم قال دريد: ما لي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير؟ قالوا له: لقد اصطحب مالك بن عوف أموالهم ونساءهم وأبناءهم فقال: أين مالك؟ فجاء، فقال له دريد : يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده، لقد اصطحبت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم ولما ذاك؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله، ليقاتل عنهم فقال: راعي ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك فأخرج بالمقاتلة فقط، ثم إنك تقاتل رجلا كريما، قد أوطأ العرب، وخافته العجم، وأجلى اليهود، وأصر مالك على رأيه وقال: والله لا أطيعك، إنك قد كبرت وضعف رأيك، فقال دريد: يا معشر هوازن، والله ما هذا لكم برأي، إن هذا فاضحكم في عورتكم وممكِّن منكم عدوكم، ولاحق بحصن ثقيف وتارككم، فسل مالك سيفه وقال: والله لتطيعُنَّني يا معشر هوازن أو لأتكِئنَّ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري، فأطاعته هوازن وكان مالك يعلم أن المسلمين يقاتلون رغبة في الشهادة، فأراد أن يعوض بذلك التصرف هذا التفاوت الكبير بين الروح المعنوية بين الجيشين.