وصل النبي صلى الله عليه وسلم الى الطائف، والمسلمون يتوقعون معركة هائلة ولكن كانت المفاجأة، أن تجمعت قبائل هوازن، ورفضت الخروج لقتال المسلمين، واختاروا أن يمكثوا في حصونهم دون قتال وخافوا وجبنوا من الخروج لحرب المسلمين لانقاذ نسائهم وأبنائهم وأموالهم، وكان ذلك خزيا كبيرا لهوازن، وهزيمة جديدة لهم وأمر النبي بحصارهم، وكان حصنهم أمنع حصون الجزيرة، وبدأت هوازن في اطلاق السهام بكثافة شديدة، مثل الجراد بينما لم تكن سهام المسلمين تصل اليهم، وأصيب عدد كبير من المسلمين، فقرر النبي تغيير مكان الجيش، ودعا الحباب بن المنذر رضي الله عنه الذي اشار على النبي بتغيير مكان الجيش في بدر فكان ذلك سببا من اسباب النصر، وكذلك اشار على النبي صلى الله عليه وسلم بتغيير مكان معسكرهم أثناء حصارهم لحصن ناعم في خيبر، فقال النبي: (يا حباب انظر مكاناً مرتفعا مستأخرا عن القوم) فانطلق حتى انتهى الى موضع هو الآن مكان مسجد الطائف، وأمر النبي بأن يتحول الجيش الى هذا المكان، واحتاج المسلمون لتدمير الأسوار الى المنجنيق، فقرروا صناعة منجنيق، وبالفعل صنعوا منجنيق تحت اشراف سلمان الفارسي، كما صنعوا دبابة خشبية لأول مرة، وبالفعل بدأ المسلمون في قذف أسوار الطائف بالمنجنيق وسار عدد من الجنود تحت الدبابة الخشبية، واستطاع المسلمون كسر جزء من الاسوار وكاد المسلمون الدخول، ولكن هوازن قامت بالقاء الحسك الشائك المُحمَّى في النار، فأصيب المسلمون اصابات بالغة، ولم يستطيعوا التقدم في اتجاه الحصن، ثم أمر النبي ان ينادي أصحابه أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر، وكان الهدف من ذلك هو حرمان هوازن من طاقة هؤلاء العبيد والحصول على معلومات عسكرية من داخل الحصن، وبالفعل بدء العبيد يفرون من الحصن الى المسلمين، ووصل عددهم ثلاثة وعشرين، ولكن شددت هوازن الحراسة ومنعت هروب العبيد، وبدء النبي يستجوبهم، وعلم منهم أن داخل الحصن طعام وشراب يكفيانهم لمدة سنة على الأقل، واستمر الحصار اربعين يوما، استشهد فيها عدد من الصحابة، وجرح عدد كبير منهم، وقرر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الحصار والعودة واستشار في ذلك بعض الصحابة وكان ممن استشارهم صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلمي، هو الذي قاد بنو بكر في الاعتداء على خزاعة منذ ثلاثة اشهر، وقتل منهم داخل الحرم، وكانت هذه الحادثة سببا في فتح مكة، فبعد كل هذا التاريخ الأسود مع المسلمين فان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويستشيره وسنجد أنه سيأخذ بمشورته، و كان هذا من حكمته وقرر النبي صلى الله عليه وسلم رفع الحصار وأمر عمر بن الخطاب فاذن في الناس بالرحيل فقال بعض الصحابة: نرحل ولم يفتح علينا الطائف؟ فقال لهم: (فاغدوا على القتال)، فلما جاء الصباح قاتل المسلمون هذا اليوم واصيب بعض المسلمون بجروح، فدعى النبي لهوازن أن يسلموا، واستجاب الله تعالى لدعاء النبي وأسلمت بعد أقل من عام واحد.