كان النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه يسير على بركة الله لاداء العمرة،
ووصلت أخبارهم الى قريش، وأجمعت رأيها على منعهم من دخول مكة والتصدي لهم، فعندما وصل المسلمون الى منطقة كراع الغميم، وكان هذا أول مظهر من مظاهر نية قريش منعهم من أداء العمرة، وعدم احترامها للأعراف من يأتي الى مكة معتمرا، واستشار النبي صلى الله عليه وسلم صحابته، لأن الأمر خطير وكان رأي البعض هو قتال هؤلاء الأحباش، فتكلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله، إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقبل النبي رأيه واستحسنه فقال النبي: هل من رجل يأخذ بنا عن غير طريقهم فندخل مكة من غير الطريق المألوف؟ فقال رجل، له خبرة بالطرقات: انا يا رسول الله فسلك بهم عقبة وثنية متجنبا جيش مكة، وأكمل المسلمون طريقهم، فلما وصلوا الى منطقة تسمى عسفان، علمت قريش بذلك، فأرسلت قريش لهم فرقة قوية من مائتي بقيادة خالد بن الوليد، فجاء موعد صلاة الظهر فوقف النبي مطمئنا لصلاة الظهر وخلفه المسلمون، وخالد بن الوليد يراقبهم من بعيد، وشاهدهم يركعون ويسجدون، فوجدها فرصة سانحة لمهاجمتهم فسأل: هل سيصلوا مثلها مرة اخرى؟ فقيل: نعم إن لهم صلاةً بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم، فتجهز للإنقضاض عليهم فيها، فنزل جبريل بتشريع صلاة الخوف، فلما حضرت صلاة العصر، صلاها بصلاة الخوف لأول مرة، فصلى بالنصف ركعتين، والنصف الثاني وقف خلف المسلمون لحراستهم، وهو في التشهد سلموا وبقي النبي لم يسلم وانصرفوا للحراسة ثم جاء النصف الثاني فاتم الصلاة مع النبي، فلما رأى خالد ذلك قال متعجباً: إن القوم ممنوعون، ثم عاد بكتيبته الى مكة ليخبر قريش، أن محمدا ومن معه لم يأتوا لقتال، وقد ساقوا الهدي واشعروها وقلدوها محرمين معتمرين، وكانت مكة في قمة ارتباكها، وغير قادرة على اتخاذ أي قرار.