فقال صلى الله عليه وسلم للقوم: (أخرجوا إليّ منكم إثنا عشر نقيباً، ليكونوا على قومهم). فكان النبي إذا أخرجوا رجلاً قال: (هل رجل غيره) قال: (هذا جبريل يشير إليّ أن ولّي عليهم هذا؛ وولّي عليهم هذا)
فقال صلى الله عليه وسلم للنقباء: (أنتم على قومكم كفلاء، كفالة الحواريين لعيسى بن مريم؛ وأنا كفيل على قومي) ثم قال: (إنفضوا إلى رحالكم، سلل القطا كما جئتم لا يشعرن بكم أحدا).
جاءت قريش تسأل الخزرج ما الأمر الذي إتفقتم عليه ليلاً مع محمد؟ قال كعب: وقام المشركون الذين أتوا معنا يقسمون لقريش باللات والعزى انه لم يكن شيء، لأنهم لم يعلموا، ثم توجهت قريش بالكلام لعبد الله بن سلول فقال: ما هذا يا قريش إني زعيم قومي، ولا يخفون عليّ أمراً مثل هذا، فواللات والعزى لم يحدث مما تذكرون شيئاً أبداً قالوا: صدقت يا إبن سلول.
فأسرعوا بالخروج، ولكن إنتشر الخبر، شدَّ الأنصار رحالهم وصاروا على أطراف مكة، ولحقوا بهم فأمسكوا بسعد بن عبادة وأوثقوه بالحبال وأعادوه إلى مكة ضرباً وتوبيخا.
فقال سعد: فبينما هم يُجرجرونني على الأرض ويضربونني، إقترب مني رجل فهمس في أذني: ويحك أليس بينك وبين احد من رجال قريش عهداً؟ فقلت: بلى والله إني كنت مجيراً للمُطعم بن عدي في تجارته قال: اذاً فناده بإسمه وأنا سأذهب وأبلغه، فهتفت بإسم المُطعم، ثم إنطلق وقال: يا مُطعم هناك رجل يصرخ بإسمك، ويسألك العهد الذي بينك وبينه، وهو الآن اسير قريش ويُضرَب، قال: ما إسمه؟ قال: سعد بن عبادة، فقام مسرعاً وقال بيده هكذا وهكذا، كأنما كش القوم كشاً قال: ويلكم أنسيتم أن الرجل من سادة يثرب، وأن تجارتكم لا تأتي إلا عليهم، إبتعدوا عن الرجل، ففك المطعم وثاقي وأطلقني ثم إنطلقت ليثرب سالماً.