خرج الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر فلما انتهى من صلاة الفجر،
أمر بلال أن ينادي، إن رسول الله يأمركم بطلب عدوكم ولا يخرج معنا إلا من شهد القتال بالأمس، لانه لا يريد أن يكون معه غير المؤمنين لأن هؤلاء المنافقون يخذلون الجيش وتكون أضرارهم أكثر من منافعهم،
وجاء رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول وقال: انا خارج معك يا رسول الله فقال له النبي: (لا والله، لن يخرج معنا إلا من خرج معنا بالأمس)، أستجابوا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يتخلف منهم أحد رغم ما بهم من جراح وآلام،
فأمتدح الله تعالى هذا الموقف العظيم من الصحابة، فنزل قوله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
وخرج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته بملابس الحرب وهو متألم من جروحه، ثم دخل المسجد وصلى ركعتين، وقد اجتمع الناس في المسجد، ثم دعا بفرسه فركبه، وكان طلحة واقفا ينظر فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (يا طلحة اين سلاحك؟) قال: قريب يا رسول الله، ولكن انظر إليك كيف تركب الفرس وانت بهذه الجراح قال: (لا عليك)، يقول طلحة: ولأنا أهم بجراح رسول الله مني بجراحي، فأنطلق طلحة ولبس سلاحه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا طلحة أين ترى قريش؟)
قال: هم بالسيالة، يا رسول الله، والله اعلم. فقال النبي: (هكذا أظن)
فسار بجيشه حتى وصل الى منطقة يطلق عليها حمراء الأسد، جنوب المدينة، وعسكر بجيشه هناك، أمر النبي صلى الله عليه وسلم، أن يجمعوا الحطب بالنهار ولما جاء الليل أمرهم أن ويوقدوا النار، حتى اذا نظر أحد الى معسكر المسلمين من مكان بعيد يعتقد أن عددهم كبير،
فوصل الى المعسكر عبد الله ورافع تأخرا كثيراً، لأنهما كانا لا يستطيعان المشي، وكانا يزحفان عندما يتعبان، فلما رآهما النبي قال لهما: (آلآن جئتما؟) قالا: نعم قال: (ما حبسكما عني؟) فأخبراه بعلتهما، وأن الطريق طويل فدعا لهما بخير، ثم ألتفت الى أصحابه ممن كان حوله وقال: (إن طالت بكم مدة كان لكم مراكب من خيل وبغال وأبل وغير ذلك، وليس بذلك بخير لكم) اي أن ليس ملك الدنيا والتطور خير لكم، فقال قائل: يا رسول الله مثل ماذا؟ فقال له: (يقول الله لكم: ما لا تعلمون، فماذا أقول لكم؟) قال تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ }