كتب د. على الصلابي: دعيت مرة لحفل تكريم في إحدى الدول وأراد المكرِّمون لي أن يكون التكريم في المسجد يوم الجمعة بعدما أخطب لهم الجمعة. وكان في الحضور بعض الوجهاء ونواب من البرلمان وغيرهم من علية القوم ،
وبعد الجمعة وقف الإمام وقال: سيكون التكريم اليوم جديدا من نوعه. لن يسلم الهدية اليوم نائب من البرلمان ، ولا وجيه من الوجهاء، سيسلمها رجل آخر. لا نعرفه لكن الله يعلمه.
ثم نادى وقال: فليقم أول من دخل المسجد. تلفت الناس كلهم يمنة ويسرة ثم فوجئوا برجل مغمور من بين الناس يقوم خجلا ويمشي على استحياء نحو الإمام الذي طلب منه أن يسلمني هدية التكريم. سلمني الرجل هديتي ثم عاد إلى مكانه تتبعه الأبصار والقلوب على السواء.
هذا المشهد البسيط يختزل مشهد الآخرة بامتياز. رجل مغمور لا يعرفه أحد. ومشاهير يجلسون في الصفوف الأولى يعرفهم كل أحد لكن لما كان الاختيار على حسب مطالب الآخرة لا الدنيا. قام المغمورون وقعد المشهورون. ففي ميزان الله يسبق المغمور الصالح. ويتأخر المشهور الأقل منه صلاحا.
ففي الحديث: “إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة”
ثم قال: اقرؤوا: ﴿ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ﴾ [الكهف: 105]متفق عليه.
من يومها وأنا أوقن أن الشرف الحقيقي هناك لا هنا. وأن الوجاهة وجاهة الآخرة قبل الدنيا. وأن يوم القيامة يوم المفاجآت.
وأن الأسماء اللامعة في الدنيا، ليس شرطا أن تلمع في الآخرة. وأن كثيرا من الذين نظنهم منسيين أو خاملي الذكر اليوم ستشنف أسماؤهم سمع أهل المحشر يوم يعاد ترتيب الأسماء.
فانشغل بتسجيل اسمك في سجل الشهرة الخالدة، لا الشهرة الزائفة.