ثم قال صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرئ مال لأخيه إلا عن طيب نفس منه، ألا هل بلغت؟)، (اللهم فاشهد، فلا ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده كتاب الله وسنة نبيه ألا هل بلغت؟، اللهم فاشهد)، (أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله اتقاكم وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ قالوا: بلى، قال: (اللهم فاشهد، ألا ليبلغ منكم الشاهد الغائب فرب مبلغٍ أوعى من سامع)، (أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا يجوز لوارث وصية، ولا يجوز وصية في أكثر من ثلث، والولد للفراش وللعاهر الحجر، من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل)، ثم قال صلى الله عليه وسلم: (وانتم ستسألون عني يوم القيامة فما انتم قائلون؟)، قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فأشار بيده السبابة يرفعها الى السماء ويقلبها على رؤوس الناس وهو يقول: (اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، اللهم اشهد، والسلام عليكم ورحمة الله). ونزل عن ناقته، فأمر بلال أن يأذن للصلاة فقام بلال ليأذن وإذا بجبريل ينزل وعرف الصحابة أن الوحي قد أنزل عليه، فلما سري عنه، تلى على أصحابه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِيناً}، ففرح النبي صلى الله عليه وسلم بها وفرح الناس، فقام عمر بن الخطاب يبكي حتى سُمع صوته فقالوا: وما يبكيك يا عمر؟ وقد أتم الله علينا ديننا؟ قال: إذا تم الأمر فأنتظر زواله فإنها تنعى لنا رسول الله، وكان آخر ما نزل قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة أيام وهو قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ} فلما نزلت قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعيت إلي نفسي) فلم يعش بعدها إلا سبعة أيام.