وصلت اخبار للنبي صلى الله عليه وسلم، بأن ابا سفيان قد هرب بالقافلة من جهة الساحل، وانه استنجد بقريش وهي في طريقها الى بدر، وصلت قريش الى العدوة القصوى فأناخوا بها وإستراحوا،
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد وصل إلى العدوة الدنيا، وكان بينهم تلال لا يرى من خلالها أي فريق الآخر،
خرج صلى الله عليه وسلم بنفسه، وإصطحب أبو بكر رضي الله عنه، ليستطلع الأخبار فجاء على شيخ من شيوخ العرب يقال له: الضمري وسأله: (ماذا عندك من خبر قريش وعيرها؟ ومحمد وصحبه؟) فقال: ممن أنتما فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أخبرتنا أخبرناك) فقال الشيخ: هذه بتلك، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم)
قال: أما وقد كان فإني سمعت أن محمد وأصحابه، خرجوا بغية عير قريش في يوم كذا وكذا فإن كان قد صدق من أخبرني، فإن محمد وأصحابه اليوم في مكان كذا وكذا وسمعت ايضا، أن أبا سفيان أرسل يستنصر قريش، وخرجت كلها لتحمي عيرها في يوم كذا وكذا، فإن كان الذي حدثني صدقني، فإن قريش اليوم ستكون في مكان كذا وكذا، قال وأما أبو سفيان، فقد علم الخبر، فساحل بعيره، فلا أعرف أين اليوم كان، ها أنا قد أخبرتكم فأخبرني ممن أنتما؟
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (نحن من ماء،) ومضى،
قال أبو بكر: فنظرت إلى الرجل يقلب كفيه ويقول: من ماء؟ أي ماء؟ أمن ماء العراق هما؟
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم، إلى أبا بكر ووجده مستغربا فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا أبا بكر قد أجبناه وصدقناه، قال تعالى: {فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِن مَّاءٍ دَافِقٍ} فنحن من ماء).