اسلام ابي بكر الصديق رضي الله عنه: أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول سره لأقرب الناس له، فذهب إلى أبي بكر، فوجده يطوف بالكعبة، فأخذه في خلوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أبا بكر هل تصدقني إن حدثتك؟) قال: يا محمد لم أجرب عليك الكذب قط وإنك فينا الصادق الأمين، فقال له: (هل تذكر إذ أنا أرغب عن آلهة قومي وأبحث عن ملة إبراهيم، ورب هذه البرية) قال: بلى أذكر قال: (يا أبا بكر إن الله أكرمني، وهداني إلى ملة إبراهيم وأوحى إلي،واختارني أن أكون رسول الله لهذه الامة) فقال دون تردد: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله، لا أظن أن هذه الأصنام تنفع أو تضر، ماذا يصنع من أراد الدخول في هذا الدين؟ قال له: (لقد دخلت يا أبا بكر)، قال: وها أنا يا رسول الله أكررها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله فقال له:(حسبُك حسبُك يا ابا بكر)، لما علم أن هذا الدين نجاة من النار ورضى الرحمن وبشرى بدخول الجنة، ذهب مسرعاً، الى أحب الناس إليه من اصدقائه، الذين يثق بهم، عثمان بن عفان، فأسلم، والى عبد الرحمن بن عوف فأسلم، وإلى أبي عبيدة دعاه فأسلم، وإلى الزبير دعاه فأسلم، ثم الى طلحة دعاه فأسلم رضي الله عنهم، أسلموا في يوم واحد، وهم من العشرة المبشرين بالجنة، وجاء بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فُرادَى، فأسلموا بين يديه، فكانوا الدعامات الأولى التي قام عليها صرح الدعوة، وصارت الصحبة بالإيمان بالله، وبالمؤازرة في الشدائد، واتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه صاحبا له طوال حياته وقد لقب رضي الله عنه بالصديق لكثرة تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم، ومضت الدعوة إلى الله في مهدها الأول، سرية وفردية، وقائمة على الاصطفاء والاختيار للعناصر التي تصلح أن تتكون منها الجماعة المؤمنة، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أعمدة هذه الدعوة.