هرب اليهود ودخلوا في حصونهم، وخيبر مقسمة الى ثلاثة مناطق الاولى: النَّطاة فيها حصن ناعم وحصن الصعب وحصن القلعة.
الثانية: الشَّق فيها حصن أبي وحصن النِّزار.
الثالثة: الكتيبة فيها حصن القموص والوطيح والسلالم.
طبعاً هذه الحصون مصممة بحيث إذا حدث أقتحام لحصن منها يستطيعون الإنسحاب الى الحصن الذي يليه، وفيها حصون وقلاع أخرى ولكنها كانت صغيرة، والمشكل هنا الحرب حرب فتح حصون وحرب العرب كر وفر، وغير معتادين على فتح الحصون. وبدوأ بمهاجمة خط الدفاع الأول حصن ناعم أقوى الحصون، وأخذوا في رمي المسلمين بالسهام وبالحجارة من فوق الحصن وكان النبي والصحابة الكرام قد وقفوا في المنزلة، فكان اليهود اذا القوا الحجارة الضخمة من داخل الحصن تتدحرج حتى تصل الى جيش المسلمين وتصيبهم، فجاء الى النبي الحباب بن المنذر وقال: يا رسول الله إن هذا المنزل قريب من حصونهم، وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم، وسهامهم تصل إلينا
وسهامنا لا تصل إليهم، وهو مكان غائر وأرض وخيمة بين النخلات وقد يتسلل اليهود من بين النخلات، ولو أمرت بمكان خالٍ عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا فأعجب النبي برأيه وقال: (أشرت بالرأي)، وقال: (اذا أمسينا تحولنا) فلما جاء الليل ذهبوا الى وادي الرجيع، وجاء راعي حبشي اجيرا عند يهودي، الى النبي وقال: اعرض عليّ الإسلام فعرضه عليه، فدخل الايمان لقلبه فقال: إن أنا أسلمت فماذا لي؟ قال: الجنة، فأسلم وقال: يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب هذه الغنم، فكيف أصنع بها؟ فقال له: (اضرب في وجهها فإنها سترجع إلى صاحبها) فقام فأخذ حفنة من حصباء فرمى بها في وجهها وقال ارجعي إلى صاحبك فوالله لا أصحبك، فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن، ثم تقدم رضي الله عنه إلى ذلك الحصن فقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله، فأتي به إلى النبي، فلما نظر إليه اعرض عنه، فأستغرب الصحابة فقالوا: يا رسول الله لم أعرضت عنه؟ فقال لهم: (لقد أكرم الله هذا العبد وساقه إلى خير، قد كان الإسلام من نفسه حقا، وإن الشهيد إذا اصيب تدلت له زوجتاه من الحور العين، وإن معه الآن زوجتيه من الحور العين تنفضان التراب عن وجهه وتقولان له: ترب الله وجه من ترب وجهك وقتل من قتلك)، … يتبع أن شاء