مر عام على صلح الحديبية وفي ذي القعدة من السنة السابعة اعلن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سيخرج لأداء العمرة وألا يتخلف عنها أحد شهد الحديبية، وكانت اول عمرة يقوم بها وكان عمره ستين عاما، خرج ومعه الفين من الصحابة غير النساء والصبيان وأحرموا من ذي الحلفية، وبدؤا التلبية وقلد واشعر هديهُ فقدم ستين ناقة هديً بالغ الكعبة على عدد سنين عمره صلى الله عليه وسلم، وامر اصحابه أن يشتركوا في الهدي فكل خمسة في بدنة، واتجهوا ملبين ولم تقطع التلبية الى مكة، وأمر اصحابه أن يخرجوا بالسلاح الكامل وهي السيوف والرماح والسهام والدروع وغير ذلك كما خرجوا بمائة فارس ، ولم يخرجوا بالسيوف فقط فقال اصحابه: يارسول ألم تشترط قريش، أن نخرج للعمرة بسلاح المسافر؟ فقال لهم:(إن لا ندخل فيه الحرم فيكون قريب منا فإن هاجنا من قريش هيجٌ كان سلاحنا وخيلنا قريبة منا)، فقدم مئة فارس محرمين ومدججين بالسلاح، قال: (نضع السلاح والخيل بمر الظهران خارج مكة)، فلما اقتربوا من مر الظهران، رأتهم عيون قريش، فأسرعوا منذرين: قد قدم إليكم محمداً بسلاح الغازي لا بسلاح المسافر، ففزعت وقالت: ما أحدثنا حدثا، ففيم يغزونا محمد في أصحابه؟وأسرعت بأرسال مكرز بن حفص ومعه رجال من قريش فلما وصلوا وجد النبي واصحابه محرمون، والهدي مقلد ومشعر بين ايديهم والناس يلبون، ولكن بجانبهم كان الخيل والسلاح فقال: والله يا محمد ما عُرفت صغيراً ولا كبيراً بالغدر فما هذا السلاح الذي نرى؟ قال له النبي: أن لا ندخل عليكم الحرم بالسلاح، ولكن يكون قريب منا، فإن هاجنا منكم هيج يكون قريب منا فقال له: هكذا عُرفت براً صغيراً وكبيراً، لست بغادر فحيهلا فانطلق مكرز يطمئن قريش ويفتح له الطريق حتى لا يعارضه أحد وقال: إن محمدا لا يدخل بسلاح وهو على الشرط الذي شرط لكم، وقامت قريش بترك مكة كما كان الإتفاق لمدة ثلاث أيام، وخرج أهل مكة جميعا الى جبال مكة ودخل صلى الله عليه وسلم مكة راكبا على ناقته القصواء ومن حوله الصحابة وهم يلبون في مشهد مهيب رائع وكان يقود زمام راحلته عبدالله بن رواحة شاعره الانصاري