المقوقس هو لقب كل من كان يحكم مصر، وكان مسيحيا وتابعا للإمبراطورية الرومانية، وكانت لغة اهلها اللغة القبطية، فخاطبهم صلى الله عليه وسلم بالصيغة التي خاطب فيها عظيم الروم هرقل لانهم اهل كتاب، وحمل الرسالة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وعندما توجه حاطب الى مصر، وجد المقوقس قد رحل الى الإسكندرية فتوجه اليه، وسلمه الرسالة، وكان نصها بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم القبط، وختمها بالاية { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } قال حاطب: قرأها وأمعن النظر فيها، واعاد القراءة اكثر من مرة، ثم طوى الرسالة وقبلها ووضعها في قطعة من حرير ثم وضعها في صندوق، وأمن عليها جارية خاصة له مقربة له بالقصر وأمر أن يجهز لي مكان للراحة في قصره، فبعد أن أخذت راحتي دعاني لمجلسه وقد جمع عنده اكابر حاشيته وقال: إذا كان صاحبك كما تقول نبي، والنبي مؤيد من ربه، ما منعه إن كان نبيا أن يدعو على من خالفه وأخرجه من بلده مكة إلى غيرها، أن يهلكهم الله فلا يبقى له عدو، فقال حاطب بكل هدوء: ألست تشهد أن عيسى بن مريم رسول الله؟قال: بلى، قال: فماله حيث أخذه قومه، فأرادوا أن يقتلوه ويصلبوه، أن لا يكون دعا عليهم، أن يهلكهم الله تعالى، لكنه صبر حتى رفعه الله إليه؟ فتبسم المقوقس وقال: أحسنت جواباً، أنت حكيم جاء من عند حكيم، ثم قال: لقد قرأت الرسالة وفهمتها، فأمهلني الآن، قال حاطب: فمكثت عنده ثلاثة ايام، ثم دعاني الى مجلسه وأخذ يسألني عن الاسلام، وعن النبي، ثم قال: هذه صفته، وكنت أعلم أن نبيا قد بقي، وكنت أظن أن مخرجه بالشام، فأراه قد خرج من أرض العرب، ثم دعا كاتبه وكتب الى النبي: (لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم الروم سلام عليك، أما بعد، فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه
وقد علمت أن نبياً قد بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وكسوة، وقد أهديت لك بغلة تركبها والسلام)، وامنا مارية القبطية التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم احدى الجاريتين والتي انجبت له ابراهيم وسيرين التي تزوجها حسان بن ثابت رضي الله.