ثم قسم الجيس الى فرقتين ميمنة على رأسها الزبير بن العوام، وميسرة على رأسها المقداد بن عمرو،
ثم جعل لهم لوائين واحد للمهاجرين حمله علي والآخر للأنصار حمله سعد بن معاذ وكان لونهما أسود،
ثم قال صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه: (قف واحذر أصحابنا حتى إذا غاب أحدهم تفقدناه، أو تخلف أحدهم تفقدناه) فوقف وعدهم، فقال يارسول الله عددهم، ثلاثة عشرة وثلاث مائة رجل،
فقال صلى الله عليه وسلم: (الله أكبر عدة أصحاب طالوت لن يهزموا ابدا)، ثم مضى الركب على بركة الله،
ونظر الرسول إلى المدينة وبسط كفيه ودعى لها وقال: (اللهم إن نبيك إبراهيم قد دعى لمكة وحرم مكة وإني محرم المدينة، اللهم كما باركت لأهل مكة فبارك لأهل المدينة ضعفي ما باركت لأهل مكة) ثم دعى لأصحابه ثم مضى على بركة الله.
ومازال يمشي ويترقب الأخبار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، معه علي بن أبي طالب وزيد بن حارثة يتناوبوا في الركوب، كان إذا جاء دوره بالمشي قالا له: ابقى راكبا يقول لهما صلى الله عليه وسلم: (ما أنتما بأقوى مني على المشي، وما أنا أغنى منكما عن الأجر، أركب إذا جاءت نوبتي وأمشي إذا جاءت نوبتي) حتى وصلوا إلى الروحاء، وهو موقع لبئر ماء يبعد عن المدينة المنورة ستين كم، كلها بساتين وفيها موقع ماء، فعلم النبي أن أبا سفيان قد علم بخروجه،
وذلك لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم الخروج لإعتراض القافلة، أسرع اليهود وارسلوا واحد منهم يخبر أبو سفيان فأخذ يستنفر قريش لنجدته. فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة ليستنفر قريش للدفاع عن أموالهم ويخبرهم بأن محمداً قد يهاجم القافلة.
معلومة: [وعند هذا البئر الروحاء سيقبض عيسى المسيح عليه السلام بعدما ينزل إلى الأرض، بعد أن يحج في آخر أيام عمره وهو راجع من مكة بعد حجه، يقف يستريح عند الروحاء فياتيه ملك الموت، ويشيعه المسلمون من بئر الروحاء إلى المدينة حتى يجهز ويدفن في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى جانب عمر بن الخطاب لذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: (كيف بك يا إبن الخطاب إذا بعثك الله يوم القيامة بين نبيين وصديق)].