اشتد الألم بالنبي صلى الله عليه وسلم فألتفت الى عائشة وقال: (يا عائشة ما أزال اجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان، وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم)، وكان مع شدة ألمه صلى الله عليه وسلم يخرج للصلاة بالناس في المسجد، ويبيت كل يوم في بيت زوجة من زوجاته وعندما رأى صلى الله عليه وسلم اشتداد المرض به والحمى وكان يقسم بين ازواجه حتى في مرضه، يطوف عليهن جميعاً فلكل واحدة يوم وليلة، حتى امنا زينب لما ثقل به المرض وأشتد وعلم أنه إن خرج من هذه الدنيا فلن يكلمها أحد من بعده ابداً ويعتبرونها مغضوبٌ عليها، فمشى صلى الله عليه وسلم وهو عاصبٌ رأسه، يجر خطاه على الأرض من شدة الحمى، حتى أتى حجرة زينب فطرق الباب ففتحت وذهلت فلم تعرف ماذا تصنع؟ وغمرتها الفرحة، وغاب عنها القيام بواجب رسول الله فلقد كانت قد طوت فراشه حين هجرها إجلالاً له، فلا يجلس عليه احد، ولا تنام هي عليه بل كانت تنام على الارض، فطوت سريره وكان السرير من قصب يجدل عليه الحبال ويطوى ويفرد طوت سريره ، وطوت فراشه، وأصبحت تنام على قطيفة في الارض احتراماً لفراش رسول الله، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم وقفت مكانها لا تدري ماذا تصنع؟ رسول الله يسعى إليها بنفسه من غير أن ترجوه، من غير واسطة بينهم، من غير أن ينزل وحي؟ فلما رأها، عذرها لذهولها فمشى بنفسه الى السرير ووضعه على الأرض، ثم أخذ الفراش ووضعه عليه وأمرها ان تغلق باب الحجرة، ثم أتاها صلى الله عليه وسلم مع ما به من ألم ومرض وأغتسل في حجرتها، ومضى بقية اليوم وتلك الليلة كقسمتها كسائر ازواجه صلى الله عليه وسلم، ثم انتقل صلى الله عليه وسلم في اليوم الثاني الى بيت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها وقد وثقل عليه المرض في بيت ميمونة واشتد الألم برسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع زوجاته وقال لهن: (لقد ثقل المرض بي وأصبحت عاجزاً عن التنقال الى حجراتكن أفتأذن لي أن أمرض في بيت عائشه؟)، فهي اقرب حجرة الى المصلى فقلن: أذنا لك يا رسول الله.