قال حاطب رضي الله عنه: أرسل معي المقوقس هدايا للنبي صلى الله عليه وسلم جاريتان: هما مارية القبطية واختها سيرين كان مقوقس القبط قد رباهما في قصره وتعلمتا دين النصرانية، وكانتا مقربتان إليه، وعندما قرأ الرسالة رأى أن خير ما عنده يقدمه للنبي هاتين الجاريتين، هذا في الظاهر وفي الحقيقة كما قال صلى الله عليه وسلم: عنه عندما قرأ حاطب على النبي رسالة المقوقس، تبسم النبي صلى الله عليه وسلم ضاحكاً وقال لاصحابه: (ثعلب مراوغ) فعندما ارسل المقوقس الجاريتين كهديتين وتكريماً في الظاهر للنبي صلى الله عليه وسلم اما في الحقيقة ارسلهما عيون له فالأولى مارية اصبحت ام للمؤمنين رضي الله عنها، وتسرى النبي صلى الله عليه وسلم بها، فلقد عرض عليها الإسلام فأسلمت فأراد ان يعتقها ثم يخطبها ثم يضمها الى أمهات المؤمنين ويتخذ لها حجرة، فرجته بغاية الأدب وقالت: يا رسول الله، لقد تربيت على الرهبانية عند القبط حتى اتقنت ديننا، فألفت نفسي الرق والعبودية، واخشى ان لا اكون بمستوى الأحرار، فإني اكون اقرب لخدمتك وانا أمه فتسرى بها وهي أمه، فحملت بمولود لرسول الله وهو ابراهيم الذي ولد وعاش ثمانية عشر شهرا، فلما بدأت تظهر صفاته الخلقية، كان اشبه الناس خلقاً برسول الله وفي شرعنا، قد جعل الاسلام شروط للتسري ومنها الأمة المملوكة الرقيقة، إذا انجبت غلاما فأبنها يحررها، فلم تعد مارية القبطية أمة وإن كانت هي تريد ان تبقى أمة، فأصبحت حرة وأم لنا جميعا رضي الله عنها، وتوفت بعد النبي صلى الله عليه وسلم في عهد عمر بن الخطاب ودفنت بالبقيع بجانب ولدها ابراهيم. والجارية الثانية هي سيرين اخت مارية اهداها النبي صلى الله عليه وسلم الى شاعره الانصاري حسان بن ثابت رضي الله عنه فأعتقها حسان وتزوجها واصبحت صحابية جليلة تروي الحديث رضي الله عن امنا مارية واختها سيرين، ولقد ولدتا في محافظة منيا في صعيد مصر وكانتا من كبار عائلات الاقباط المصريين انذاك وسلبها المقوقس هي وأختها سيرين، من أهلها الذين كانوا من أعيان المصريين وأشار المقوقس إلى مكانتيهما الاجتماعية فى رسالته للرسول صلى الله عليه وسلم بقوله لهما مكان في القبط عظيم، فمارية من صميم مصر .