موقف نبوي:
قال أنس بن مالك :كان رجل من أصحاب النبي يقال له جليبيب، كان في وجهه دمامة وكان فقيراً ويكثر الجلوس عند النبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم:”يا جليبيب ألا تتزوج؟”فقال:يا رسول الله ومن يزوجني؟فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: “أنا أزوجك يا جليبيب”.فالتفت جليبيب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: إذاً تجدني كاسداً يا رسول الله فقال الرسول عليه الصلاة والسلام:”غير أنك عند الله لست بكاسد”، ثم لم يزل النبي يتحين الفرص حتى يزوج جليبيباً فجاء في يوم من الأيام رجل من الأنصار قد توفي زوج أبنته فجاء إلى النبي يعرضها عليه ليتزوجها النبي .وكانت الانصار رضوان الله عليهم إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لِلنَّبِيِّ صل الله عليه وسلم فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا.فقال له النبي:”نعم ولكن لا أتزوجها أنا” فرد عليه الأب: لمن يا رسول الله فقال :” أزوجها جليبيباً “.فقال ذلك الرجل: يا رسول الله تزوجها لجليبيب يا رسول الله انتظر حتى أستأمر أمها،ثم مضى إلى أمها وقال لها : إن النبي يخطب إليك ابنتك قالت: نعم ونعمين برسول الله فمن يرد رسول الله فقال لها: إنه ليس يريدها لنفسه قالت:لمن؟ قال: يريدها لجليبيب قالت: لجليبيب لا.لعمر الله لا أزوج جليبيباًوقد منعناها فلاناً وفلاناً فاغتم أبوها لذلك ثم قام ليأتي النبي فصاحت الفتاة من خدرها وقالت لأبويها:من خطبني إليكما؟قال الأب: خطبك رسول الله قالت: أفتردان على رسول الله أمره ادفعاني إلى رسول الله فإنه لن يضيعني قال أبوها :نعم ثم ذهب إلى النبي وقال: يا رسول الله شأنك بها فدعا النبي جليبيباً ثم زوجه إياها ورفع النبي كفيه الشريفتين وقال: “اللهم صب عليهما الخير صباً ولا تجعل عيشهما كدًا كداً ” ثم لم يمض على زواجهما أيام حتى خرج النبي مع أصحابه في غزوة وخرج جليبيب معه فلما انتهى القتال اجتمع الناس وبدؤوا يتفقدون بعضهم بعضاً فسألهم النبي وقال:”أتفقدون من أحد” قالوا :نعم يا رسول الله نفقد فلاناً وفلاناً كل واحد منهم إنما فقد تاجراً من التجار أو فقد ابن عمه أو أخاه.فقال:” نعم ومن تفقدون” قالوا: هؤلاء الذين فقدناهم يا رسول الله فقال: “ولكنني أفقد جليبيباً فقوموا نتلمس خبره” ثم قاموا وبحثوا عنه في ساحة القتال وطلبوه مع القتلى ثم مشوا فوجدوه في مكان قريب إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم غلبته الجراح فمات.فوقف النبي على جسده المقطع ثم قال: “قتلتهم ثم قتلوك أنت مني وأنا منك، أنت مني وأنا منك” ثم تربع النبي جالساً بجانب هذا الجسد ثم حمل هذا الجسد على ساعديه وأمرهم أن يحفروا له قبراً قال أنس: فمكثنا والله نحفر القبرلجليبيب ماله فراش غير ساعد رسول الله وقال أنس: فعدنا إلى المدينة وما كادت تنتهي عدت زوجته حتى “تسابق إليها الرجال يخطبونها.”فكانت انفق أيم بالمدينة بمعنى كثرة الخطّاب عليها ببركة سمعنا وأطعنا .
*إن فقره وعدمه وضآلة أسرته لم تؤخره عن هذا الشرف العظيم والمكسب الضخم . لقد حاز الشهادة والرضا والقبول والسعادة في الدنيا والآخرة