في طريق عودة عامر واربد والخادم، أناخا ليلة في دار امرأة من بني سلول، فعندما نام ساعة نظر إليه أربد وقال: ماهذا؟ وإذا بعنقه من الأمام غدة كغدة البعير وأصبح لا يستطيع أن يتحرك فأضطر أن يقيم يوم ويومين وثلاث ليتدبر أمره، وابتعدوا عنه مخافة العدوى، فأصبح يصيح وحده بأعلى صوته ويقول: واا ذلا، أغدةٌ كغدة البعير؟ وميتة في بيت سلولية؟ لا واللات هذا لا يكون، فلما مات خافوا من دفنه وأن ينتقل الطاعون إليهم، فأعطوا المراة دراهم تعويض عن بيتها، وهدموه على جثته، ثم أرتحل أربد مع الخادم حتى اذا وصل، قالوا: ما ورائك يا أربد؟ قال: لا شيء لقد دعانا محمد لعبادة شيء لا نعرفه، فطلبنا منه أن يرنا أياه، فلم يرينا فكيف نعبد من لا نرى ولا نعرف، وليت إله محمد يبرز أمامي الآن فأمطره نبالي، واخبرهم كيف مات عامر، فامضى أربد يومه وليلته، فلما كان اليوم الثاني خرج على بعير له يريد أن يتفقد غنمه وإبله ورعاته، وكان الطقس حاراً قائظاً، فلما ابتعد عن قومه، تكونت سحابة في السماء وخرجت منها صاعقة فأخذت قحف رأس أربد وبعيره فسقط هو وبعيره ميتان، فلما رأى قومه ذلك اجمعوا امرهم ان يرسلوا وفدا ليدخلوا في دين الله جميعا، فلما قدم الوفد الى المدينة، وحدثوا النبي صلى الله عليه وسلم بما وقع، فكان النبي صلى الله عليه وسلم قد حدث أصحابه قبل ان يأتي وفدهم بما حصل، فقال: (انزل الله علي في شأن عامر بن الطفيل وصاحبه قرآن)، ثم تلى آيات من سورة الرعد: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ، عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ، سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ، لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ، هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ، وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ}.