لما رآه عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله دعني انتزع ثنيتيه حتى لا يقوم عليك خطيباً بعد اليوم،
فقال النبي: (لا يا عمر لا أمثل بأحد، فيمثل الله بي ولو كنت نبياً، وما يدريك لعل سهيل، يقف في يوم من الايام، موقفاً تشكره عليه)، وتمضي الايام ويفتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، ويقول النبي لأصحابه: (من لقي منكم سهيل بن عمرو في الطريق فلا يحدّ النظر إليه فإنه رجل حيي)، وتبلغ الكلمة أُذن سهيل.
ويخرج الناس الى حنين بعد فتح مكة، وسهيل على كفره وعمر يقول: متى أرى له موقفاً؟ فأسلم سهيل بعد حنين وحسن إسلامه،
وجاء النبي صلى الله عليه وسلم حاجاً حجة الوداع فكان سهيل هو الذي يقرب للنبي بدنه فقرب له ثلاثة وستين بدنة والنبي ينحرها بيده حتى اذا اتمها قال: (قم يا علي واتمم المئة) حتى الان موقف لا يشكر عليه،
نريد منه خطاباً كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويجلس سهيل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع والحلاق يحلق راس النبي والنبي يعطي شعره لابي طلحة الانصاري ويقول له: (قسمه بين أصحابنا)، فكان نصيب الصحابة، من اخذ شعرتين وثلاث، أما سهيل فكلما وقعت شعرة من النبي على الارض اخذها ثم قبّلها ووضعها على عينيه، ثم أعطاها لأبي طلحة،
وتمضي الايام وينتقل النبي صلى الله عليه وسلم، الى الرفيق الاعلى ويستخلف الصديق وطار الخبر الى مكة، فقام سهيل متوشحاً سيفه وخطب بالناس، وهو أفصح قريش،
فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي ثم قال:
أما والله، إني لأعلم بأن دين الله سيبلغ مشرقه ومغربه، ولقد جمع الله أمركم على خيركم ألا وهو الصديق،
الذي أثبت الله صحبته لنبينا بنص قرآني ألم تقرؤا قول الله تعالى {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}
ففاز بمعية الله ورسوله، من دون أصحاب النبي، فامضوا على ما أنتم عليه، فوالله الذي لا إله إلا هو، ومن بعث محمداً نبياً ما أرتد رجل في مكة إلا ضربت عنقه، وسل سيفه فأجمعت مكة كلها على الاسلام.
فكان سببا لمنع مكة من الردة، وجاء الخبر للمدينة فنظر الصديق الى عمر وقال: ها يا عمر؟ هل جاءك خبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ فبكى عمر وقال: أشهد أنه رسول الله حياً وميتاً