الفصل الثالث
تنبيه من خطوات الشيطان
بتتبع الآيات والأحاديث نلاحظ بوضوح هذه الخطوات، يستخدمها لتحقيق هدفه لاغواء واضلال ما يستطيع من ألانس وكذلك من الجن، وقد نبهنا الله فيها.
– قال تعالى في سورة البقرة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ، إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(168-169)
وهذا أمر لنا كأمر أبينا من قبل، فلا نخالفه ونحذر وإلا سنكون كما قال تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (البقرة 167) يوم لا ينفع الندم.
– وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (البقرة 208)
بين لنا فيها منهجان لا ثالث لهما إما الإسلام وامرنا بدخوله، وإما خطوات الشيطان. الآية { …، لِّیَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَیِّنَةࣲ وَیَحۡیَىٰ مَنۡ حَیَّ عَنۢ بَیِّنَةࣲۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِیعٌ عَلِیمٌ﴾ (الأنفال 42).
ومن الأحاديث التي نبهنا فيها:
– عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن للشيطان لمة بابن آدم، وللملك لمة؛ فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم”. ثم قرأ: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}. [سنن الترمذي] . ومعنى لمة الخطرة بالقلب كفكره تمر بالعقل.
– عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته:
“ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا؛ كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا،
وإن الله نظر إلى أهل الأرض، فمقتهم، عربهم وعجمهم، إلا بقايا من أهل الكتاب، وقال: إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك، وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء، تقرؤه نائما ويقظان.
وإن الله أمرني أن أحرق قريشا، فقلت: رب، إذن يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة. قال: استخرجهم كما استخرجوك، واغزهم نغزك، وأنفق فسننفق عليك، وابعث جيشا نبعث خمسة مثله، وقاتل بمن أطاعك من عصاك.
قال: وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال، قال: وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له، الذين هم فيكم تبعا لا يبتغون أهلا ولا مالا، والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك”،
وذكر البخل أو الكذب، والشنظير الفحاش، ولم يذكر أبو غسان في حديثه: “وأنفق فسننفق عليك “. [رواه مسلم]
قوله: (فاجتالتهم) اي استخفوهم وذهبوا بهم وازالوهم عما كانوا عليه ومالوا معهم في الباطل.
وقوله: (حرق قريش) اي تغيظهم بسماع الحق. وقوله: (يثلغوا رأسي) أي يشجوه كما يشدخ ويكسر الخبز. وقوله: (نغزك) نعينك.
وقوله: (زبر) هدف ولا يسعون في تحصيل منفعة دينية ولا دنيوية.