وبعد الاستراحة ساروا بإتجاه جبل أحد ووصلوا قبل طلوع الفجر، وتمركز بجيشه،
وجيش مكة أصبح فاصلا بين المسلمين والمدينة، لما نظر النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى جيش قريش أمامهم، تفحص ساحة المعركة ببصيرته، فجعل جبل أحد خلف المسلمين وعن شمالهم، ليكون هناك مكان آمن في الجبل يمكن أن ينسحب اليه المسلمون، اذا وقعت الهزيمة بالمسلمين، ولا يلجئوا الى الفرار من أمام العدو، فيتعرضوا للقتل أو الى الاسر.
ورأى ان في جيش قريش مئتي فارس يقودهم خالد بن الوليد، وعكرمة بن ابي جهل، تنحوا عن الجيش، فعلم النبي أن مهمتهم فقط تطويق المسلمين والألتفاف حولهم،
فكون النبي كتيبة الرماة من خمسين رجلا بقيادة عبد الله بن جبير ومعلم بثياب بيضاء ثم أوصاهم: (قفوا على هذا التل، ولا تشاركونا في القتال وعليكم أن تنضحوا الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا فإن الخيل لا تقدّم على النبل، إنا لن نزال غالبين ما مكثتم مكانكم، فإن رأيتمونا نظهر عليهم، وندخل معسكرهم، ونغنم غنائهم فلا تبرحوا مكانكم، حتى أكون انا الذي أرسل إليكم، وان رأيتموهم يظهروا علينا وتخطفنا سيوفهم خطفاً فلا تدافعوا عنا، لا تبرحوا مكانكم ولا تشاركونا القتال، بل ألزموا مكانكم، حتى أكون أنا الذي أرسل إليكم) ثم قال: (اللهم إني أشهدك عليهم)ثم يختمها بقوله: (لا نؤتينا اليوم من قبلكم). وليقومون برمي السهام في اتجاه خيل المشركين، وبذلك يقلل من آثار امتلاك قريش لعدد كبير من الفرسان، لأن الخيل تخاف وتتراجع أمام النبل،
ثم جعل المسلمون صفا واحدا في أضيق مسافة بين جبل الرماة وجبل أحد، وبذلك تحارب قريش بنفس عدد المسلمين تقريبا، ليستطيع التقليل من آثار التفوق العددي لجيش قريش.
هكذا تمركزوا في أفضل مكان في أرض المعركة، مع أن قريش وصلت قبل وفيها ما فيها.