إنتهى الحصار ورجعوا إلى حياتهم الطبيعية يمارسون كل نشاط في مكة، مرض ابو طالب وبلغ سادة قريش أن أبا طالب على فراش الموت، فخافوا على السيادة، فحضروا إلى بيته؛ فأحب أبو طالب أن يعمل صلح بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته، فأرسل إلى النبي، فوثب ابو جهل كالشيطان وجلس بالمكان المخصص للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يبقَ للنبي مكان للجلوس فلما حضر النبي صلى الله عليه وسلم، لم يجد مكان إلا أن يقف عند عتبة الباب، فرفع أبو طالب رأسه إليه، وقال: يا محمد يا ابن أخي، هؤلاء أشراف قريش وسادتها فقد نزل بي من الأمر ما ترى، وأنا أحب أن أرى بينكم صلح قبل أن أفارق الدنيا. فقال صلى الله عليه وسلم: (نعم يا عم، أريد منهم كلمة واحدة لا سواها تدين لكم بها العرب، وتتبعهم العجم). فقال أبو جهل: نعم وأبيك نعطيك عشرة إذا أردت ويتم الصلح. فقال: (قولوا لا إله إلا الله وتخلعون عبادة الأصنام). فقال أبو جهل وهو يضحك: واللات إن هذا الرجل لن يعطيكم شيء، فنظر أبو طالب إلى النبي، وقد تأثر النبي من فعل القوم. فأراد أن يخفف عنه، فقال: يا محمد يا ابن أخي، والله ما أراك طلبت منهم شحطة (اي المستحيل) فطمع صلى الله عليه وسلم بإسلام عمه، فقال: (أنت يا عم قلها أشهد لك بها عند الله، وأشفع لك بها)؛ فلم يعلن أبو طالب إسلامه، وفاضت روحه وحزن النبي صلى الله عليه وسلم موته ودفن في مقبرة مكة (الحجون)، فزاد شر قريش على النبي صلى الله عليه بعد موته.