بدأ الحصار، في أول يوم من السنة السابعة من البعثة، وظل بنو هاشم و بنو عبد مناف متجمعين في الشعب وأنفق الرسول صلى الله عليه وسلم كل ماله، وكذلك أمنا خديجة رضي الله عنها، وأبو بكر رضي الله عنه، وكل بنو هاشم، فأكلوا ورق الشجر؛ حتى تشققت شفاههم. وبكاء أطفالهم يرتفع من شدة الجوع، ومرض الكثير وماتوا. وكانت قريش تقوم بعمل دوريات حراسة على مداخل و مخارج الشعب؛ حتى لا يتم دخول أي طعام، وكانت تؤذي من أرسل شيئا من الطعام، ثلاثة سنوات كاملة لا يصل إليهم طعام، إلا ما يهرّب إليهم من خلال بعض المتعاطفين معهم، وخصوصا من تربطهم بهم صلة النسب من البطون الأخرى من قريش. وبعض من لهم نخوة، فمثل هذا الحصار ضغط نفسي كبير جدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطال الحصار، فقام رجال عندهم نخوة وقالوا: إلى متى نأكل ونشرب، وأبناء عمنا يموتون جوعا إلى متى؟ كيف يموتون جوعاً، ونحن ننظر؟ وإتفقوا أن يجلسوا في نادي قريش، ورجل منهم يدخل يعترض على المقاطعة، ثم يقومون بمساندته أمامهم. فدخل زهير ووقف قالوا: إجلس فقال: لا والله لا أجلس إلى متى نأكل ونشرب، وبنو هاشم يموتون جوعاً؟ والله لا أجلس حتى تمزق هذه الصحيفة الظالمة فقام أبو جهل وقال:كذبت والله إنما كتب وعلقت بإجماع من سادة قريش، فقال رجل: بل كذبت والله، ما وافقنا ولا رضيناها، ولكنكم أجبرتمونا عليها، فقام الثالث وقال: صدقتم يا قوم، فقام الرابع، والخامس، فقال أبو جهل: هذا أمر دبر بليل. وإشتد الجدال.