طلع فجر الجمعة فنادى في المسلمين: الصلاة عباد الله فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، كانت الروح المعنوية للمسلمين عالية جدا وقام النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فيهم ويشجعهم ويبشرهم بالنصر،
ويقول لهم: (أن الله تعالى قد وعده احدى الطائفتين، العير أو النفير)، (وأن عددهم هو نفس عدد جند طالوت عندما هزموا جالوت، وقال تعالى فيهم: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ}). نظر النبي صلى الله عليه وسلم، من بعيد فكان أول رجل جسيم يتقدم قريش على جمل أحمر ومن بعد المسافة لا يعرف من هو؟
فقال صلى الله عليه وسلم: (إن يكن في القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر يا علي قل لحمزة يعلم لنا من صاحب الجمل الأحمر من قريش) فتقدم حمزة، وكانت العرب رغم كفرها ذات أخلاق تقدم ولم يؤذيه أحد ونظر من قريب على الرجل وإذا هو عتبة بن ربيعة، فصاح بعلي وقال له: أخبر رسول الله صاحب الجمل الأحمر عتبة بن ربيعة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألم أقل لكم فهو أعقل رجل في قريش؟).
كانت قد ارسلت قريش عمير بن وهب الجمحي يستطلع لهم اخبار المسلمون، فدار بفرسه حول معسكر المسلمين، ثم رجع الى قريش وقال: هم ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلاً أو ينقصون، ولكن أمهلوني حتى أنظر، أللقوم كمين أو مدد فانطلق في المنطقة المحيطة ببدر، يبحث اذا كان هناك بقية لجيش المسلمين، فلم ير شيئا فرجع الى قريش وقال: ما وجدت شيئا، ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا، نواضحُ يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يُقتل رجلٌ منهم، حتى يَقتل رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادكم، فما خير العيش بعد ذلك، فأنظروا رأيكم،
فقام عتبة بن ربيعة وقال: يا قوم أطيعوني في هؤلاء القوم، فإنكم إن فعلتم، لا يزال ذلك في قلوبكم، ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه، فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا،
فصاح فيه أبو جهل وقال لعتبة: جبنت حين رأيت محمدا وأصحابه، فقال له عتبة: ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قوما كأن رؤوسهم الأفاعي وكأن وجههم السيوف، فهذا فعل الله بهم،
قال تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} هكذا دب الرعب في قلوبهم ووقع الخلاف بين قريش؛ وتزعزعت صفوفهم الداخلية.