بعد رجوع النبي من خيبر بثلاث أيام، وقف وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (أيها الناس، إن الله بعثني رحمة وكافة، فأدوا عني رحمكم الله ولا تختلفوا عليّ، كما اختلف الحواريون على عيسى ابن مريم عليه السلام)، فقالوا: وكيف اختلف الحواريون على عيسى عليه السلام يا رسول الله؟ قال: (دعاهم الى تبليغ دين الله، فمن أرسل الى جهة قريبة اطاع ومن أرسل الى جهة بعيدة، كره وأبى) فقالوا: لن نختلف عليك يا رسول الله، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم، في إرسال الرسائل الى الملوك والزعماء داخل وخارج الجزيرة العربية، لأن الإسلام دين عالمي، بل وللجن أيضاً، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } ويقال: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} والأحاديث في ذلك كثيرة جدا،
ومن مكاسب صلح الحديبية، كان أعتراف قريش بالدولة الإسلامية وقريش هي قبيلة معروفة، لكل دول العالم القديم، فأصبح للدولة الإسلامية مكانتها بين دول العالم القديم، كان العرب اتباع لمعسكرين فارس الدول الشرقية، ومعسكر الروم الدول الغربية، بلا دين وعندما جاءهم الاسلام واعزهم ورفع شأنهم، حررهم من هذه التبعية فكانوا خير امة اخرجت للناس وإذا تخلوا عن هذا الدين عادوا لما كانوا عليه أذناب لغيرهم.
فقال له اصحابه: يا رسول الله، إنهم لا يقرؤون كتابا إلا إذا كان مختوما فصنعوا للنبي خاتم يختم به رسائله مكتوب فيه محمد رسول الله من أسفل الى أعلى، ذلك حتى لا يعلو اسم محمد اسم الله وهذا من أدبه صلى الله عليه وسلم مع ربه.
فبدأ صلى الله عليه وسلم برؤوس تلك الأمم واعظم دولتين، كسرى فارس وقيصر الروم، وخاطبهم بلهجة القوي المتمكن، فهو رسول الله ومؤيد منه جل في علاه، وسيد ولد آدم والخلق جميعا قوله: (أسلم تسلم) أي إن لم تسلم لن تسلم. فأرسل النبي عدة رسائل مع اصحابه وانطلقوا جميعاً من مسجده في وقت واحد، رسالة الى هرقل قيصر الروم وحملها دحية الكلبي رضي الله عنه، والى كسرى ملك فارس وحملها عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، والمقوقس حاكم مصر حملها حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه، وللنجاشي ملك الحبشة حملها عمرو بن أمية الضمري رضي الله عنه، وللمنذر بن ساوى ملك البحرين وحملها العلاء بن عمرو الحضرمي رضي الله عنه، ولهوذة بن علي ملك اليمامة وحملها سَليط بن عمر رضي الله عنه، وللحارث بن أبي شَمِر ملك دمشق، وحملها شجاع بن وهب رضي الله عنه، ولأمير بُصرى والي الروم عليها، حملها الحارث بن عمير الاسدي رضي الله عنه، وهذا الوحيد الذي قتل من الرسل، قتله فورا.