الصحابي مرثد الغنوي رضي الله عنه: عمره ثلاث وعشرين عام، شهد بدر وأحد، وقاتل بكل شجاعة، قوي البنية، شجاع القلب سريع، له القدرة بالتحكم بمشاعره،
للنبي فراسة عظيمة في اختيار الرجال لكل مهمة ما يناسبها، فاختار مرثد لأمر عظيم، وكلفه بمهمة خطيرة وصعبة جداً، وهي تخليص أسارى المسلمين في مكة، والمجيء بهم ليعيشوا عز الإسلام وعدل الإسلام في كنف النبي،
فكان يتسلل الى داخل مكة ليلاً، ويذهب الى مكان الأسير، ويحمله بقيوده خارج مكة، وينطلق به الى المدينة، ونجح في تحرير عدد من الأسرى، ولكنه في مرة وقع في خطأ ودخل مكة في ليلة مقمرة، واستطاع أن يصل الى الأسير وكان ثقيلاً ، فحمله ومشى به ثم وقف ليرتاح،
ولكن رأت سواده امرأة من البغايا اسمها عناق لها معرفة قديمة به قبل إسلامه؟ فقالت: مرحباً وأهلاً، تعال فبت عندنا الليلة،
فقال: يا عناق، إن الله حرم الزنا، فغضبت من رده وصاحت: يا أهل مكة، يا أهل الخيام، إن هذا الذي يحمل الأسرى،
فترك الأسير وفر هاربا، واتجه الى الخندمة وهو من الجبال الوعرة، ودخل في أحد كهوفه واختبأ،
وخرج في اثره ثمانية رجال وأشارت لهم الى المكان الذي اتجه اليه، فوصلوا الى الكهف ووقفوا أمام مرثد وهو نائم على الأرض، ولكن الله تعالى أعمى أبصارهم فلم يروه،
والعجيب أنه عاد الى الأسير الذي تركه، ثم حمله وانطلقا عائدين الى المدينة، وقد شعر بالعاطفة تجاه عناق، لانه يعلم انها تحبه أراد أن يتزوجها، ذهب الى النبي وقال: يا رسول الله، أنكح عناق؟ ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه، واستقبل الأمر بهدوء،
كرر مرثد السؤال، فسكت النبي، هبط جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
القضية هامة جدا لدرجة أن الله تعالى هو الذي رد على مرثد بالجواب،
وكان مرثد رضي الله عنه من ضمن العشرة في حادثة الرجيع، قد استشهد فيها.