قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: أنا اسمعهم القرآن، فذهب إلى الكعبة، وفي الطريق كان ينادي يا آل فلان يا آل فلان، قالوا: هذا إبن أم عبد لعله ارتد عن محمد، فانطلقوا خلفه فرحين، هاتِ ما عندك يا ابن مسعود ما الأمر؟ فوقف على باب الكعبة وصعد اول الدرج، قال: إسمعوا مني، {بسم الله الرحمن الرحيم، الرَّحْمَن عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الإِنسَان عَلَّمَهُ الْبَيَانَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ … إلى آخر الآيات} قالوا: ما يقول هذا؟ كأنه يقرأ كما يقرأ محمد، فقام إليه أبو جهل وكان أقواهم على الشر وأحبهم إليه، فإقترب منه، تراجع ابن مسعود وصعد للاعلى ليكمل القراءة، فلحقه أبو جهل، فأمسك بأذنه وقال: يا إبن أم عبد، يا رويعي الغنم، لم نسمع هذا من محمد بن عبد المطلب حتى نسمعه منك أنت؟ ثم إنتشله فخرجت أذنه بيده وسقط جسده على الأرض، ثم ألقى إليه أذنه وقال: خذ هذه لعل محمد ينفعك، فحملها وجاء بها إلى النبي والدماء تسيل على خده، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يستقبله ضاحكاً وقال: (هاتِ يا إبن مسعود)، فأعطاه إياها والحزن على وجهه فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إليه وهو يبتسم وقال له: (ألا يرضيك الأذن بالأذن والرأس زيادة؟) قال: بلى يا رسول الله رضيت، قال له: (إنك فتىً معلمٌ من الله)، وأخذ صلى الله عليه وسلم الأذن واعادها الى مكانها ثم بل إصبعه الشريف بريقه ومشى به على آثار الجرح فالتأم الجرح فوراً.