أراد حيي أن يغتال النبي صلى الله عليه وسلم، فوافقه الجميع وعارضهم كبيرهم سلام بن مشكم
وقال: يا حيي ألست تعلم أن محمد رسول الله قال: لا،
قال: وربِ موسى وعيسى، إنك لتعلم إنه نبي، وكنا نرجو أن يكون منا من نسل هارون لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم به، وليأتينه الخبر من السماء، ولتكون بعد ذلك ناقضاً عهدك معه، وأصر حيي على مؤامرته وعزموا على تنفيذ خطتهم، وصعد عمرو بن جحاش ليلقي صخرة ضخمة على النبي، وكان قد هبط جبريل على النبي وأخبره بمكرهم،
فقام النبي ومضى بين بعض أصحابه ، واتجه الى ناحية الشجر كأنه يريد أن يقضي حاجة، وعاد الى المدينة مسرعاً،
فجاء حيي قال: أين ابا القاسم؟ قالوا: قام في حاجة له، وانتظروا وطال الانتظار، والصحابة يقولون: أين ذهب رسول الله؟ لا بد أن له أمر وحيي يصبرهم ويقول: لعله يرجع الآن، دعوه في حاجته، اجلسوا فقد أعددنا لكم الطعام
فجاء رجل من بين النخيل فقالوا: ارأيت رسول الله؟ قال: نعم رأيته متوجه الى المدينة،
فهب الصحابة مسرعين خلفه، قال لهم حبرهم الذي نصحهم: أتعلم لِمَ رجع الى المدينة وقام من مجلسه لقد جاء الخبر لمحمد من السماء، كما قلت لك وانت الآن قد نقضت العهد وانتظر معي ساعة فإن محمد مرسل إليك،
فقال القوم: بماذا تشر علينا يا سلام؟ قال: أشير عليكم بأمرين ولا ثالث لهما الأول: وهو خير لكم، أن تدخلوا في دين الرجل، وتسلموا فأنتم أهل الكتاب الأول وأنتم من نسل هارون فإذا اسلمتم سيغفر لكم هذه الذلة، وهو لا يقتل رجل دخل دينه، فتحقنوا دمائكم وأموالكم، ويعلو كعبكم بين اصحابه فأنتم اهل كتاب ومن نسل الانبياء
قال حيي: أما هذه فلا هاتِ الثانية قال: إنه مرسل لك الآن، أن اخرج من بلادي، فأياك ثم أياك ان تعقب على رسوله وأجبه بنعم، فإنك إن لم تفعل، لن يقبله منك بعد ذلك، فأخرج من بلاده على الفور، وأحقن دمائك وأموالك قال القوم جميعاً: هذه نعم.