بعد أن كسُرت شوكة قريش أخذت تفكر في قبول الصلح ولكن كانت هناك معارضة من شباب قريش المتحمس، فقام خمسون شابا في التسلل الى معكسر المسلمين ليقتلوا بعض أصحاب رسول الله بغرض أن يوقعوا الفتنة بين الفريقين، فاقتربوا فتم القبض عليهم من قبل الحراس وقيدوهم وجائوا بهم الى النبي واخبروه بخبرهم، قال: (اطلقوا سراحهم)، وكان هذا من أحد أسباب الصلح، فقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}، ففكر النبي أن يرسل أحدا للكلام مع قريش مباشرة فأختار عثمان بن عفان رضي الله عنه لهذه المهمة لانه من بني أمية، ولن يجرئ أحد من ايذائه، فله قدرة على التفاوض لحلمه وحكمته وشخصية محبوبة جدا في مكة، وكانت مهمته أن ينقل رسالة النبي أن المسلمين قد جاءوا لأداء العمرة، ولم يأتوا لقتال أحد، وان النبي يعرض عليكم: أن تدخلوا في الإسلام، او تكون هناك هدنة بين المسلمين وبين قريش، لا يكون فيها قتال، بشرط أن يخلو بينه وبين الناس، واذا رفضوا هذين الشرطين فيكون القتال، ثم بشر المستضعفين من المسلمين أن النبي يبلغكم السلام، وأن الله سيعز الاسلام والمسلمين ويوصيكم بالصبر، قال الصحابة للنبي: لقد فاز بها عثمان فالآن يطوف بالبيت، فقال لهم النبي: (ما ظننته يطوف بالبيت ونحن محاصرون) فقالوا: وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص إليه؟ قال : (ذلك ظنِّي به ألا يطوف بالكعبة حتى نطوف ولو مكث سنة ما طاف بها حتى أطوف)، فدخل مكة وانطلق الى صديقه أبان بن سعيد بن العاص وطلب جواره واستقبلته قريش، ورحبت به وقالوا له: يا عثمان ان شئت فطف بالبيت، قال: لا والله لا أطوف ورسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه محاصرون، وقد منعوا الطواف بها، حتى يطوف رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه ولو مكثت بها سنة وظل عثمان في مكة ثلاثة ايام كاملة، ليأخذ ردا على رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وينقل رسالة النبي الى المستضعفين سرا، قامت قريش بنشر اشاعة مقتل عثمان في معسكر المسلمون ليختبروا ردة فعل النبي واصحابه، فعرف بفراسته أنها اشاعة، فقام وطلب منهم مبايعته على القتال وعدم الفرار، بيعة الموت فأجتمعوا تحت شجرة كبيرة وضخمة وعرفت ببيعة الرضوان، فقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا }، فبسط النبي يده فأقبل الصحابة لمبايعته حتى ركبوا على ظهور بعضهم البعض، فلما انتهوا وضع النبي يده فوق الأخرى وقال: (هذه يد عثمان) ووصلت أخبار هذه البيعة الى قريش فأصابها الخوف والهلع، ولذلك بعد هذه البيعة مباشرة وافقت قريش على الصلح.