هي بنت عمة النبي، حين بلغ (زيد بن حارثة) ابن النبي بالتبني سن الزواج، أراد أن يزوجه بأمر من الله تعالى،
فعزم ان يزوجه من ابنة عمته، كان عمرها ست وثلاثين عام، وهي من أعرق وأشرف بيوت العرب من بني هاشم أشرف القبائل العربية، ليحطم الفوارق الطبقية الموروثة في المجتمع المسلم، لأن العرب كانوا ينظرون الى الموالي باستعلاء، فعرض النبي على السيدة زينب الزواج من زيد، فوجئت بهذا العرض ورفضت هذا الزواج وحاول صلى الله عليه وسلم أن يُقنعها
وقالت: يا رسول لا أتزوجه أبدا، فنزل قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} فقالت: رضيته لي يا رسول الله؟ قال: (نعم)، قالت: إذن لا أعصي لله ورسوله أمراً،
وهكذا تم الزواج، ولكن لم يكن ذلك الزواج ناجحا، فالمودة والسكينة كانت معدومة لأنها لم تنسى أبدا أنها الشريفة وبنت عمة رسول الله، ولم تنسى أن زيد مولى كان رقيقا، فكانت تعامله بجفاء واستعلاء، وربما كانت تؤذيه بلسانها، وتعب زيد كثيراً من جفاء زوجته وصدها وترفعها عليه حتى نفذ صبره،
وذهب الى الرسول صلى الله عليه وسلم ليأخذ رأيه في طلاقها فقال له: (أرابك منها شيء؟) فقال: لا والله يا رسول الله، ما رابني منها شيء، ولا رأيت الا خيراً، ولكنها تتعظم عليَّ لشرفها وان فيها كبراً، وتؤذيني بلسانها،
فقال له النبي: اتقِ الله، وأمسك عليك زوجك، وعاد زيد ليجرب الاحتمال من جديد، ولكنها كانت تزداد نفوراً منه،
فعاد الى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه مفارقة زينب، والنبي يقول له في كل مرة: اتق الله، وأمسك عليك زوجك، النبي كان يعلم ان هذا الترتيب كان من الله، يتزوج زيد من زينب ثم يطلقها ثم يتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه كان يخشى من كلام المنافقين، وأن أعدادهم كانت كبيرة في المدينة وهم يتربصون بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا تزوج من زينب فسيقولون: أنه يأمر بعدم زواج الأب من زوجة ابنه، وقد خالف ذلك وتزوج من زوجة ابنه وقد يقولون: أنه أمره بطلاقها حتى يتزوجها.