اوصى النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه قبل بدء المعركة،
فقال: (إن رجال خرجوا في هذا الجيش مكرهين لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقي منكم العباس بن عبد المطلب، فلا يقتله بل يأسره، من لقي أبا البختري بن هشام، فلا يقتله)،
فقال ابو حذيفة: أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا، ولا يقتل العباس بن عبد المطلب؟ والله لأن لقيت العباس لألجمنه السيف ألجاماً، وسمع النبي مقالته، فنظر النبي في وجه عمر وقال: (يا أبا حفص، أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف؟) قال عمر: والله إنه لأول مرة يكنيني النبي بأبي حفص
فقال: يا رسول الله دعني اضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي: (لا يا عمر إنه لم ينافق ولكنها ذلة لسان قُتل ابوه في المبارزة).
وقاتل الصحابة رضوان الله عليهم بكل شجاعة وإيمان.
ومن الصور يلتقي ابو عبيدة بن الجراح مع ابيه وجها لوجه، وتحرك الدم في عروقه، فأبتعد عنه، أما إن قتله غيره لا بأس، فسمع ابو عبيدة ابوه يصرخ في المعركة، أين محمد؟ دلوني عليه لا نجوت اذا نجا؟ فغضب ورجع مسرعاً الى والده وقال: يا عدو الله تنشد رسول الله، تريد قتله، فرفع سيفه واطاح براسه.
ويقتل عمر خاله ابن المغيرة، فلم تمنع القرابات والارحام، بين ان ينتصر المؤمنون لله،
وكان ابو بكر في جوار النبي صلى الله عليه وسلم في العريش، فلما نزل النبي لساحة المعركة كان بجانبه فسمع ابو بكر ابنه (عبد مكة) وكان مع المشركين ينادي أين محمد؟ يريد قتل النبي، فقال ابو بكر: دعني له يارسول الله، فامسكه النبي وقال: (متعنا بنفسك يا أبا بكر، أما تعلم بأنك سمعي وبصري). ولحكمة يريدها الله يؤسر عبد الكعبة، ثم يفدى، ثم يدخل في الاسلام، ويصبح من خيار الصحابة
فلما اسلم غيّر النبي اسمه لعبد الرحمن.
وقتل المجذر رضي الله عنه ابا البختري، فجاء المجذر للنبي وقال: والذي بعثك بالحق لقد جهدت على أسره وآتيك به فأبى إلا أن يقاتلني، فقتلته.
ولما أرادوا حمل والد حذيفة الى قليب بدر مع القتلى نظر النبي لأبو حذيفة واذا هو قد تغير فقال: (يا أبا حذيفة، ادخلك شي من قتل ابيك) قال: لا والذي بعثك بالحق، ولكن كنت اعلم من ابي رأي وحلم، فاحببت ان يكون في الاسلام، فكرهت ما مات عليه، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لابي حذيفة بخير، ومع ذلك يقول ابو حذيفة: ما زلت اتخوف تلك الذلة، واقول لا يكفرها الا شهادة في سبيل الله، فما كانت معركة إلا يكون اول الصفوف، حتى مات في معركة الردة يوم اليمامة رضي الله عنه وارضاه.
وقال الله تعالى فيهم: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخِر يُوادّون مَن حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كَتَبَ في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه ويُدخلهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إنّ حزب الله هم المفلحون}.