موقف:
قال الشعبي: وجّهني عبد الملك إلى أخيه عبد العزيز، فقدمت عليه مصر وهو واليها؛ على رجل سخيّ صدوق اللسان، فقلت له يوما: أصلح الله الأمير، إنك تبلغ في منطقك وأنت في مجلسك ولا تفعل ذلك على منبرك، فقال: يا شعبيّ إني لأستحيي من الله أن أقول على منبري خلاف ما يعلم من قلبي.
-وروي أن أنيسا وطارقا ابني جندل من رجال كلب وفدا إلى ملك من ملوك غسّان، وكان قد بلغه عنهما عقل وأحبّ أن يمتحنهما، فقال: يا أنيس ما أنكأ الأشياء للقلوب؟ قال: فقر مكبّ وضرع إلى غير محبّ، قال يا طارق:ما أضرّ الأشياء على الملوك؟ قال: عدوّ تسري مكايده، وجليس يبثّ حبائله،
وصديق يودّك ظاهره ويغولك باطنه. قال: فما الداء العضال؟ قال: ابن العمّ الحسود، كالسّبع الرصيد يساء إن أثريت ويبجح إن اختبيت، قال: يا أنيس ما الشقاء العاجل؟ قال: الحليلة الورهاء، خطابها عواء، ورضاها بكاء، وسخطها اجتراء، قال: يا طارق ما شرّ مصحوب؟ قال: اللسان الذي لا يقيّده الحجى ولا يردعه النّهى، قال: يا أنيس ما الداء الذي لا شفاء له؟ قال: الحسد الذي لا انقضاء له. قال: يا طارق ما الداء العياء؟ قال: البخل بالممكن الموجود، والأسف على الغائب المفقود قال: يا أنيس ما العار الذي لا يرحض؟ قال: إسلام الجار، والعجز عن حماية الذّمار. قال: يا طارق ما أكرم الأخلاق؟ قال: الجود في الإثراء والإملاق. قال: يا أنيس ما الشرف؟ قال: احتمال العظائم واجتناب المحارم. قال: يا طارق ما العزّ؟ قال: حدب العشير، وكثرة النفير، والمعاونة على القليل والخطير. قال: يا أنيس ما الكرم؟ قال: الوفاء بالذمم والبذل في الأزم. قال: يا طارق ما الشجاعة؟ قال: دفاعك عمن لا يلزمك له ذمام، وإقدامك حين تكره الإقدام. قال: يا أنيس ما أجلب الأشياء للمقت؟ قال: العجب والخرق. فقال الملك: وأبيكما لقد استمجدتما أدبا، وترويتما لبا، وأحسن صلتهما.
قيل:
– احذروا نفاد النّعم، فما كلّ شارد مردود.
-خير الأمور أوساطها.
– يكفيك من شرّ سماعه.
-الكريم لا يلين على قسر، ولا يقتسر على يسر.
-ما أدرك النّمّام ثارا، ولا محا عاراً.