آخر ساعة من حياة سعيد بن جبير قال له الحجاج :
أنت شقي بن كسير فرد سعيد : أمي أعلم بإسمي حين أسمتني قال الحجاج غاضباً: شقيت وشقيَت أمك فقال سعيد : إنما يشقى من كان من أهل النار فهل أطلعت على الغيب؟ رد الحجاج: لأُبَدِلَنَّك بِدُنياك ناراً تلَظّى، فقال سعيد : والله لو أعلم أن هذا بيدك لاتخذتك إلهاً يُعبَد من دون الله قال الحجاج : ما رأيك فيّ؟ قال سعيد : ظالم تلقى الله بدماء المسلمين، قال الحجاج : أختر لنفسك قتلة يا سعيد، فقال سعيد : بل أختر لنفسك أنت فما قتلتني بقتلة إلا قتلك الله بها، رد الحجاج : لأقتلنك قتلة ما قتلتها أحداً قبلك، ولن أقتلها لأحد بعدك، فقال سعيد : إذاً تُفسِد عليّ دُنياي، وأُفسِدُ عليك آخرتك. لم يعد يحتمل الحجاج ثباته فنادى بالحرس : جروه واقتلوه فضحك سعيد ومضى مع قاتله فناداه الحجاج مغتاظاً: مالذي يضحكك، قال سعيد : أضحك من جرأتك على الله، وحلم الله عليك فاشتد غيظ الحجاج وغضبه كثيراً ونادى بالحراس: اذبحوه فقال سعيد: وجِّهوني إلى القبله، ثم وضعوا السيف على رقبته فقال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين قال الحجاج: غيّروا وجهه عن القبله فقال سعيد: ولله المشرق والمغرب فأينما تُولّوا فثمّ وجه الله، قال الحجاج : كُبّوه على وجهه فقال سعيد: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة اخرى. فنادى الحجاج: أذبحوه ماأسرع لسانك بالقرآن يا سعيد بن جبير فقال سعيد: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد اًرسول الله خذها مني ياحجاج حتى ألقاك بها يوم القيامـه ودعا قائلاً: اللهم لاتسلطه على أحد بعدي. واستشهد سعيد وصار الحجاج يصرخ كل ليله مالي ولسعيد بن جبير، كلما أردت النوم أخذ برجلي وبعد خمسة عشر يوماً فقط مات الحجاج ولم يُسلط على أحد من بعد سعيد.