انتهت باستشهاد ثمانيه واسر اثنين، وانطلقوا بهما الى قريش، وباعوا خبيب الى بنو الحارث بن عامر ليقتلوه ثأرا لابيهم في بدر، وزيد بن الدثنة الى صفوان بن أمية، أسر خبيب مقيدا، تحت مسؤليت بنات الحارث،
فجاءت ماوية يوماً فوجدت خبيب يحمل قطف عنب ويأكل منه، قالت: ما هذا يا خبيب؟ قال عنب دونكِ فأكلِ، فرجعت تجري الى مولاتها قالت: أتعلمين في أرض الله عنباً في هذا اليوم قالت: لا قالت: الأسير يأكل عنباً، فهرعت إليه زينب قالت: ما هذا يا خبيب، من أتاك به قال: هو من عند الله، أما علمتِ يا زينب بقصة أم عيسى عليه السلام، قال تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا}، {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}، قالت: لم أعلم بذلك أتطعمني منه قال: دونكِ فأكلِ، فأكلت منه فقالت: يا خبيب أنت رجل مبارك ولكنكَ أسيرُنا فلا أستطيع أن أفك قيدك، فهل من خدمة نسديها لك؟ قال: نعم إذا انتهى الشهر الحرام، وعلمتِ أنهم قاتلي غداً اريد موسا لأزيل بها شعر ابطي وشعر وسطي، وماء اغتسل به، أستعد للقاء ربي، قالت: لك هذا.
مضت الأيام ووفت بوعدها، فأرسلت بالموس مع طفلها الصغير وقالت: أعطه للأسير وقل له ان أمي ستأتيك بالماء، فقلت: وااا ويلاه ماذا صنعت؟ ليقتلنه الآن ويأخذ بثأره، ففزعت وأخذت تجري إليه مسرعة مرتاعةً، ولكن الصبي كان قد سبقها، تقول: فنظرت إليه فوجدته قد أجلس الصبي على فخذه يطعمه بيده مما عنده من عنب، قال لها: يا زينت أتخوفتي على الصبي أن اقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك إن شاء الله تعالى ابداً، فإن ديني قد هذب خُلقي، فلا يجوز قتل الصبي بغير ذنب فهو لم يقاتلني يوماً، ولقد طلبت منك الموس فلا يجوز لي أن اغدر، فذهلت منه وتعجبت من فعله أكثر وأكثر، ودخل الإيمان لقلبها وقالت: أهكذا هو دينكم يا خبيب؟ قال: أجل، وإلا ما الفرق بيني وبين أي رجل من قريش فإني عربي قرشي كما تعلمين، فلماذا لا أقتل ولا أخذ بالثأر هكذا علمنا ديننا يا زينب، فأخذت الصبي وتركته يستحد ويستحم، واستأذنت من أهلها ان تكون ممن يشهد مصرعه، ومصرع زيد.