*الحويرث بن نقيد وكان من أشد قريشا ايذاءا للمسلمين، واشترك مع هبار بن الأسود في محاولة منع السيدة زينب بنت النبي من الهجرة، وأخذا ينخسا الجمل الذي كانت تركبه، حتى سقطت على صخرة، وكانت حامل فسقط جنينها، ولم تزل مريضة حتى ماتت، فتعلق الحويرث بأستار الكعبة فقتله علي بن ابي طالب رضي الله عنه.
*وهبار كان كذلك من أشد قريش ايذاءا للمسلمين، فكان ممن أهدر دمه، فلما علم هرب واختفى، حتى عاد صلى الله عليه وسلم الى المدينة ثم دخل يوما على النبي وهو في مسجده فقال الصحابة: يا رسول الله هذا هبار بن الأسود، فقال النبي: (قد رأيته)، فأشار إليهم أن يجلسوا، ثم وقف هبار أمام النبي وقال: السلامُ عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، لقد هربتُ منك في البلاد يا رسول الله، وأردتُ اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت فضلك وبرّك وصَفحك عمّن جهل عليك، فاصفح عن جهلي وعما كان يبلغك عني، فإني مقرٌ بسوأتي معترف بذنبي، فأطرق النبي رأسه حياءا من كثرة اعتذاره، وبكى صلى الله عليه وسلم حتى ابتلت لحيته فرفع رأسه وقال: (اللهم إني عفوت عن هبار فأعفو عنه)، والإسلام يجب ما كان قبله.
*وكعب بن زهير من أكبر شعراء العرب، كان يهجو النبي بشعره وينشره بين العرب، ويطعن في عرض النبي، فلما بلغه أن النبي قد أهدر دمه، هرب من مكة، وكان لكعب اخ مسلماً أخذ يراسله ويلك ادخل على رسول مسلماً فإن رسول الله لا يقتل مسلما، فجاء كعب للمدينة ونزل عند رجل صديق له يعرفه قال له: ابيت عندك الليلة حتى تدخل بي على محمد في صلاة الفجر ، كي لا يراني احد فإني مهدور الدم فأمنه، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم، من صلاته واستدار، تقدم كعب بين الصفوف ودنى من رسول الله والوقت ظلمة، فقال كعب: يا رسول الله إن كعب بن زهير الشاعر المهدور دمه، يريد ان يأتيك مسلما تائبا فهل اذا جئت به أمنته وقبلت اسلامه؟ فقال له النبي: (إن جاء مسلماً قبلناه) فقال كعب: ها انا بين يديك اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد انك رسول الله، فقال النبي: (انت كعب؟)، فوثب أحد ليضرب عنقه، فأشار له النبي ان اجلس، فقام كعب وأنشد فلما وصل الى بيت الشعر: إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ // مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فخلع بردته واعطاه اياها، هذا النبي الذي قال: (من صنع لكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه)، وهذه العباءة بقيت عند كعب، ولما كان معاوية في زمن خلافته عرض على كعب عشرة آلاف درهم ليأخذها منه، فرفض وقال: ما كنت لأؤثر بثوب رسول الله الذي أعطانيه أحدا، فلما مات كعب بعث معاوية إلى ورثته عشرين الف وأشتراها منهم.