قال مسيلمة: يا قوم لقد وجد محمد من قريش من يقف معه، فلذلك دخل الناس في دينه واتبعوه، وأنا لم أجد منكم من يقف معي، فكان حالنا كما رأيتم، فأنا اقسم لكم بربكم ورب محمد بأنه يوحى إلي كما يوحى إليه، واشركني الله معه بالأمر، وقسم الارض فكان نصفها لقريش ونصفها الآخر لبني حنيفة، وقالوا له: نحن معك، ثم أرسل رسالة الى النبي صلى الله عليه وسلم، قال فيها: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، آلا إني أوتيت الأمر معك، فلك نصف الأرض ولي نصفها، ولكن قريشاً قومُ يظلمون، قال الصحابة: فلما قُرأت الرسالة على النبي ضحك وألتفت الى حامليها، وقال لهما: (ما تقولان انتما؟)، قالا: نقول كما يقول صاحبنا قال النبي: (أتشهدان أني رسول الله)، فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال النبي: (آمنت بالله ورسله، أما والله لولا أن الرسل لا تقتل، لأمرت بضرب عنقكما، ولكن الرسل لا تقتل)، فرد عليه النبي برسالة قال فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب، السلام على من أتبع الهدى، أما بعد {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}، فأنقسم قومه الى نصفين، نصف ثبتوا على ايمانهم والآخر مع مسيلمة الكذاب، وحتى يستعطف مؤيديه قال لهم: يكفيكم صلاتين صلاة اول النهار وصلاة في اخر الليل، ولا بأس لكم في شرب الخمر في المناسبات، وقد اسقطت الزكاة عنكم، وانزل علي مثل قرآنه، قال: _لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا، وأحل لهم الخمر والزنا، ووضع عنهم الصلاة_ هذا مثل الذي انزل على محمد،_ والطاحنات طحنا، والعاجنات عجنا، والخابزات خبزا، والثاردات ثردا، واللاقمات لقما وهكذا… فأستخفهم فتبعه ناس من قومه، ومنهم نهار بن عنفوة وقيل الرحال كان قد أسلم وتعلم شيئا من القرآن وصحب النبي مدة وقد مر عليه رسول الله وهو جالس مع أبي هريرة ومعهم رجل ثالث اسمه فرات بن حيان، فقال النبي: (أحدكم ضرسه في النار مثل أحد)، فلم يزال ابو هريرة وفرات خائفين حتى ارتد الرحال، وحاجه من آمنوا فعلا: يا مسيلمة، محمد قد ظهر على يده خوارق وإن للنبي معجزات وقد سمعنا من امور خارقة من اخبار محمد، قال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أن محمداً، قد بصق في عين أحد أصحابه، بعد أن قُلعت من مكانها في إحدى الغزوات، قال: أحضروا لي رجل أعور، فأحضروه، فبصق في عينهِ من أجلِ ان يُشفى فعمي، فضحكوا عليه قال: هاتوا غيرها، قالوا: بلغنا أن محمداً، جاء الى بئر ماء مالح وقليل لا يسقي الظمأن، فبصق فيه فكثر الماء وامتلئ البئر على الفور. فذهبوا إلى بئر فيه ماءٌ قليل ، فبصق فيه مسيلمة فجف الماءُ على الفور، فانفض عنه ثلثي من تبعه، ومع ذلك اصر على كفره وأنه نبي يوحى إليه، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثار على الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهزم في معركة اليمامة، بقيادة سيف الله المسلول خالد، وقتل على يد وحشي، والكذاب الثاني كان الأسود العنسي، وكان يقيم في صنعاء، ادعى النبوة فقتله قومه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في يومين، وارسلوا بخبره الى النبي فوصل الخبر صبيحة دفن النبي صلى الله عليه وسلم، وأراح الله الأمة منهما.