-سمع عبدالله بن طاهر صوت عندليب فأعجب به، والتفت إلى عوف بن محلّم فقال له: يابن محلَّم هل سمعت قط أشجى من هذا الصوت، وأطرب منه؟
فقال: لا والله أيها الأمير، وإنــه لحسن الصوت، شجي النغمة، مطرب التغريد،
فقال عبد الله: قاتل الله أبا كبير الهذلي حيث يقول:
(ألا يا حمامَ الأَيْك إلفُك حاضر // وغصنك ميّاد ففيمَ تنـوحُ
أفق لا تَنُحْ من غير شيء // فإنني بكيت زماناً والفؤاد صحيح
وُلوعاً فشطَّتْ غربةً دار زينب // فها أنا أبكي والفؤاد قريح)
فقال عوف: أحسن والله أبو كبير وأجاد، ثم قال: أصلح الله الأمير! إنه كان في الهذليين مئة وثلاثون شاعراً ما فيهم إلا مُفْلِق، وما كان فيهم مثل أبي كبير فإنه كان يبدع في شعره، ويفهم آخر قوله وأوله، وما شيء أبلغ في الشعر من الإبداع فيه.
-قال الشعبي: وجهني عبد الملك إلى ملك الروم، فقال لي: من أهل بيت الخلافة أنت؟ قلت: لا، ولكني رجل من العرب، فكتب إلى عبد الملك رقعة ودفعها إليّ، فلما قرأها عبد الملك قال لي: أتدري ما فيها؟ قلت: لا، قال فيها: العجب لقوم فيهم مثل هذا كيف يولون أمرهم غيره . قال: أتدري ما أراد بهذا؟ قلت: لا، قال: حسدني عليك، فأراد أن أقتلك، فقلت: إنما كبرت عنده يا أمير المؤمنين لأنه لم يترك شيئا إلا سألني عنه، وأنا أجيبه، فبلغ ملك الروم ما قاله عبد الملك للشعبي. فقال: لله أبوه ما عدا ما في نفسي.
-جاء رسول سيدنا عمر بن الخطاب من إحدى المعارك فبشره بالنصر ، فسأله : متى بدأ القتال؟ فقال: قبل الضحى. قال: ومتى كان النصر؟ فقال: قبل المغرب. فبكى سيدنا عمر حتى ابتلت لحيته. فقالوا : يا أمير المؤمنين ، نبشرك بالنصر فتبكي فقال رضي الله عنه : والله إن الباطل لا يصمد أمام الحق طوال هذا الوقت إلا بذنب أذنبتموه أنتم أو أذنبته أنا. وأضاف قائلًا : نحن أمة لا تنتصر بالعدة والعتاد ، ولكن ننتصر بقلة ذنوبنا وكثرة ذنوب الأعداء ، فلو تساوت الذنوب انتصروا علينا بالعدة والعتاد.