أبو طالب(اسمه عبد مناف ملقب أبا طالب)، كان قليل المال، وصاحب شرف في قومه، وكرم نفس، وقد حرم الخمر على نفسه، وكان محبوباً للجميع، فورث الزعامة واصبح شيخ مكة. وانتقل صلى الله عليه وسلم، الى دار عمه ابو طالب، وعاش بينهم كأنه واحد من أولاده، وكان يعزه، أكثر من أولاده، لا يقبل أن ينام إلا أن ينام النبي صلى الله عليه وسلم بجانبه، ويفضله على جميع أولاده، قالت بركة(أم أيمن): كان إذا وضع الطعام إنتشلت الصبية الطعام إنتشال حرصاً على الشبع، وكانوا إذا شربوا لبنا من القعب، شربوه بسرعة ولم يشبعوا لأن اللبن قليل، وما كانوا يشربوه دائماً، وكان أبو طالب يؤثر الحجيج وزوار البيت على أولاده، فلما كان صلى الله عليه وسلم يأكل معهم يشبعوا جميعاً، ويزيد فضلة من الطعام وإذا أكلوا ولم يكن موجود معهم لم يشبعوا ولم يكفيهم الطعام،لاحظ أبو طالب هذا الشيء، فأصبح يضع الطعام فطور وغداء وعشاء،ثم يقول لأولاده، مكانكم لا تأكلوا حتى يمد محمد يده، لأنه كان صلى عليه وسلم، لا يمد يده قبل أحد، فإذا بدأ وأكل شبعوا جميعاً وزاد من الطعام،ويحضر ابو طالب، القعب من اللبن، ويعطيه لمحمد اولا يقول له: أشرب يا بني،فيقول له صلى الله عليه وسلم: بل أنت يا عم فيقول له أبو طالب: لا أنت أولاً، إنك نسمة مباركة، فإذا بدأ بالشرب، شربوا جميعاً وشبعوا، وبقي من اللبن زيادة، وإذا شربوا قبله لا يشبعوا فكان يقول أبو طالب: إن محمداً صبي مبارك. تقول(ام ايمن) بركة: كان يصبح الصبية كعادتهم شعثاً رمصاً، وكان محمد صلى الله عليه وسلم من دون كل الصبية، يصبح كحيلاً دهيناً طيب الرائحة كأنما الدهن على رأسه. وما زلنا نلتمس من بركاته صلى الله عليه وسلم كلما تقدم بالعمر، وعاش النبي صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه إلى أن بلغ الرجولة، ولم ينفصل إلا بعد زواجه بالسيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها، وسنه 25 سنة.