رجوعه الى مكة

وبعد رجوعه لمكة روى لهم قال: جلس محمد وبحيرا لا يرفع نظره عنه يراقبه في كل حركة في أكله وشربه في جلوسه في قيامه حتى إذا انتهى القوم من الطعام وقاموا لغسل أيديهم، إقترب بحيرا من محمد، فدنوت منه كي أسمع ما يقول بحيرا لإبن أخي قال: يا غلام إني أسألك باللات والعزة فأصدقني بالإجابة؟ (فغضب محمد وقال له: لا تسألني باللات والعزة، فما كرهت شيئاً ككرهي لهما)، قال: إنما سألتك بهما لأنهما آلهة قومك(فقال: آلهة قومي وليست آلهتي) قال: إذاً هل أسألك بالذي خلق السموات والأرض؟ قال:(نعم إسأل ما بدا لك) قال: أسألك بالذي خلق السموات والأرض، إلا ما صدقتني بكل ما تجيب فقال:(ماعرفت الكذب قط، ودونك قومي فسألهم)، فسأله كيف ينام وكيف يرى الرؤيا؟ فقال:(ما رأيت رؤيا إلا جاءت في اليوم الثاني كفلق الصبح)، وكيف يلعب مع الصبية وعن تدبره وتفكره وعن معتقاداته، ومحمد يجيبه، ثم قال: ما هذا منك يا أبا طالب؟ فقلت: هذا إبني قال لا: أنت سيد قومك فأصدقني، ما ينبغي أن يكون أباه حياً، وهذا الغلام لا يجتمع بأبيه ولا بيوم واحد، فقلت: وما علمكم بهذا؟ ما شأنكم يا أهل الكتاب، ما رأه أحد إلا يقول لا أب له، يولد بلا أب، فقلت هذا إبن أخي، فقال: وماذا فعل أبوه؟ قلت: هلك وأمه حبله به فقال بحيرا: الآن صدقتني، إننا نجد وصفه في كتبنا يولد يتيماً، ثم ماذا فعلت أمه؟ قلت: ماتت وهو إبن ست سنين، قال: هو ذا يا أبا طالب، هو ذا، ثم قال بحيرا: هل تسمح لي أن أنظر إلى إبن أخيك؟ قلت: ها أنت تنظر إليه، قال: لا ليس هذا ثم رفع قميص النبي ووضع يده بين كتفيه فوجد خاتم النبوة، فصاح بأعلى صوته، قدوس قدوس سبووح سبووح رب الملائكة والروح، وربِ موسى وعيسى، إنه المنتظر.ثم أمسك بحيرا برأس النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ يقبّل رأسه، فقال: يا أبا طالب أعزيز عليك إبن اخيك قالت: هو أعز عليّ من نفسي قال: فاسمع مني وارجع به إلى أرض الحرم وإياك أن تدخل به أرض الشام. فقلت: لماذا؟ قال: لقد بقي نبياً يبعثه الله إلى هذه الأمة وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، وربِ موسى وعيسى، إن إبن أخيك هذا خاتم الأنبياء والمرسلين، وانظر وكشف عن القميص وقال: هذا خاتم النبوة بين كتفيه، وربِ موسى وعيسى لإن رأه يهود، ليكيدوا له الشر فإن ألد أعدائه يهوود، وتعجلت الرجعة للحرم.
🌾🌹🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *