نماذج

يروى ان حاكم مرو نوح ابن مريم استأجر المبارك لحراسة بستانه حضر وزوجته وسأله عن احواله واحوال البستان، ثم طلب منه ان يحضر له بعضا من العنب فاحضر لهما قطفين فلما ذاقاه وجداه حصرما، فقال الحاكم: انه حصرم ائتنا بعنب ناضج، فذهب واحضر قطفين آخرين وكانا حصرما كسابقيهما، فكتم غضبه لتحليه بالحلم والاناة وقال: انه حصرم ايضا يا مبارك الم تتذوقه؟ قال: لا ، قال الحاكم : ولم لا تتذوقه؟ قال : لانني حرسته من نفسي قبل ان احرسه من غيري، وانت لم تسمح لي ان اتذوقه او آكل منه بل امرتني بحفظه وما كنت لاخون في مالك واخالف امرك. والله تعالى لا يخفى عليه شئ في الارض ولا في السماء، فابتسم الحاكم وهز راسه سرورا بما سمع وقال : يا مبارك كل منه واشبع واعط السائل والمحتاج فانت صاحب البستان والمتصرف فيه. فذهب واحضر عنبا حلوا ناضجا فوجده الحاكم كما يحب ويشتهي. وقال يا مبارك اني استشيرك في امر فاشر علي بما ترى فاني رايتك ذا عقل وحكمة. قال: عفوك يا سيدي انا رهن اشارتك وطوع امرك. فقال:ان لي بنتا هي آية في الجمال والكمال وقد خطبها كثير من الرؤساء والزعماء واصحاب الجاه والثروة وقد حرت في امر تزويجها ولمن اعطها. فاشر علي في هذا الامر قال المبارك: ياسيدي كان الناس في الجاهلية يرغبون في الاصل والحسب والنسب ، واليهود والنصارى يرغبون في الحسن والجمال، وفي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغبون في الدين والتقوى وفي زماننا يرغبون في المال والجاه ، فاختر لنفسك ولابنتك من هذه الاشياء ما شئت. كان الحاكم يصغي الى المبارك فوجد في كلامه حكمة يعجز عنها الفصحاء والحكماء، فازداد له حبا وبه تعلقا .فقال:يا مبارك اني راغب في الدين والتقوى واني وجدتك ذا دين وامانة وتقوى واني عزمت ان ازوجك بها فماذا تقول؟قال: قبلت ان كانت بصلاح ابيها. قال:هي بنت ابيها نسبا وصلاحا ان شاء الله. ثم عاد الحاكم وزوجته الى قصرهما فقال لابنته: يا بنية لقد وجدت شابا كله صلاح ووجهه يشع نورا وقد اخترته زوجا لك فماذا تقولين؟ قالت: الخير ما اختاره ابي وانا ابنتك وامري اليك لا اعصيك ابدا ولا اخالفك وانا راضية ما رضيته لي. فتزوجا واعطاهما مالا كثيرا فتنعما به في حياتهما ،وعاشا سعيدين موفقين. وكان من بركة زواجهما ان انجبا مولودا اسمياه(عبد الله بن المبارك) المشهور والمعروف عند العلماء والاولياء والصالحين .
🌾🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *