أتت عمات النبي لزيارته، وكان مهموماً كثيراً، فظنن أنه مريض فقلن: هل تشكو من مرض؟فقال: (ما اشتكيت شيئاً لكن الله أمرني ب: {وأنذر عشيرتك الأقربين} فأريد أن أجمع بني عبدالمطلب لأدعوهم إلى الله تعالى) فقلن: ادُعهم ولا تجعل ابا جهل فيهم، لان زوجة بذيئة اللسان وهو يطيعها بكل ما تقوله، فأَولَمَ وليمة ودعا إليها عشيرته كلها، فقالت زوجة أبي لهب: لِما يدعوكم محمد؟ قال: لا أدري لعله من أجل هذا الدين الجديد، قالت: إياك ثم إياك، خذ على يده قبل أن تأخذ على يده العرب، ثم قال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (يا بني هاشم إن الرائد لا يَكذِبُ أهله، فوالله لو كذبت الناس جميعاً ما كذبتكم، وإني رسول الله إليكم خاصةً وإلى الناس عامةً، والله الذي لا إله إلا هو، لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتُجْزَوُنَّ بالخير خيراً وبالشر شراً، وإنها لجنةٌ أبدا أو نارٌ أبدا، والله يا بني عبد المطلب ما أعلم رجلاً جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة)، فقاطعه ابو لهب وقال: إسمعوا يا بني هاشم خذوا على يده قبل أن تأخذ العرب على يده، فواللات والعزى لا ندعه يسفه دين عبد المطلب، فإن أسلمتموه حينئذ ذللتم، وإن منعتموه قتلتم، فقامت صفية رضي الله عنها، عمة النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا أخي أيحسن بك خذلان ابن اخيك، فوالله ما زال الاحبار والرهبان يخبرون أبانا عبد المطلب، أنه يخرج من ضئضئه نبي وهذا هو، فقال: هذا والله الباطل والأماني، وكلام النساء إذا قامت بطون قريش وقامت معها العرب فما قوتنا بهم، فوالله ما نحن عندهم إلا أكلة رأس، فلما احتد النقاش، انصرفوا من دون نتيجة، وإستمر أبو لهب في إيذاء النبي من أول يوم دعي فيه إلى دين الله.