مضى في هجرته، حتى إذا كان في القديد،
كان هنالك خيمة لإمرأة خزاعية كنيتها أم معبد وإسمها عاتكة،
الكل يعرفها، كانت تطعم وتسقي، وتستضيف المسافرين وهي لا تعرفهم.
وكان أبو بكر يعرفها فقال: بأبي وأمي يا رسول الله هناك خيمة أم معبد، لعلنا نجد عندها شيء نشتريه،
فسلم عليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (يا أم معبد هل عندك من طعام أو تمر نشتريه؟)
فقالت: والله لو كان عندنا شيء ما أعوزناكم،
فقال: (يا أم معبد هل عندك من لبن؟) قالت: لا والله،
(فنظر إلى طرف الخيمة فوجد شاة وقال: (ما هذه الشاة يا أم معبد؟) قالت: خلفها الجهد عن الغنم
قال: (هل بها من لبن؟) قالت: هي أجهد من ذلك،
قال: (أتأذنين لي في حلبها؟) قالت: والله ما ضربها من فحل قط،
قال: (أتأذنين لي أن أحلبها يا أم معبد؟) قالت: فشأنك إن رأيت منها حلبا فإحلبها،
قال ابو بكر: [فمسح صلى الله عليه وسلم بيده الكريمة ظهرها وساقيها وسمى الله وقال: (اللهم بارك لنا في شاتنا)،
فإجترت وتفاجت أي امتلأ ضرعها فمسحه وغسله ثم قال: (إليّ يا أم معبد بوعاء)،
فأحضرت له وعاء يربض الرهط فرفع ساقها ليحلبها، فحلب فيها ثجاً حتى علتهُ الثّمالة، فسقى أم معبد فقالت: إشربوا أنتم
قال النبي: (لا إشربي أنتي أولاً) فشربت حتى رويت، ثم سقى من معه حتى ارتووا فأخذ الوعاء وشرب، وقال: (ساقي القوم آخرهم شرباً)، ثم عاد إليها وحلبها مرة ثانية، عللاً بعد نهل، ثم ترك الوعاء عندها وإرتحل، فجلست تقلب يديها، وتكلم نفسها أتحلب الحائل؟ والله انه لأمر عجيب، أي رجل هذا؟