اخذ الصحابة بجمع الغنائم، وساقوا الاسرى بين ايديهم مكبلين بالحبال،
فنظر النبي صلى الله عليه وسلم للأسرى فقال: (فكوا وثاقهم واحسنوا صحبتهم، وقاسموهم زادكم)،
فقال قائل: يا رسول الله لو كنا اسرى بين أيديهم لفعلوا بنا اكثر من ذلك،
فقال النبي: (لسنا كمثلهم)، فكان الصحابة يعطون للأسرى أطيب طعامهم، ويأكلون الطعام الرديء، ويجعلونهم يركبون وهم يمشون الى جوارهم، لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم، هؤلاء اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ الذين هم قبل ساعات ضربوا اعناق الاباء والابناء والاهل والعشيرة، لانهم كفار والان بتوجيه من النبي يؤثرونهم على انفسهم بلقمة وهم كفار ايضاً، إنه دين الله عزوجل، دين الحق والعدل والرحمة، فلكل مقام مقال، المسألة عندهم دين وليست امور شخصية.
وفي طريق العودة نزلت سورة الأنفال، تناولت الكثير من أحداث غزوة بدر كما تناولت كيفية توزيع الغنائم على المسلمين، رجعوا وسط أجواء من الفرحة والبهجة عمت المدينة كلها حتى غطى عليهم حزنهم بوفاة بنت النبي رقية زوجة عثمان بن عفان، وقد ماتت وعمرها اثنان وعشرين عاما، وتركت ابنها عبد الله وعمره أربعة أعوام. وهذا أمر الله،
لنعلم جميعاً أن هذه الدنيا فانية، ولأنه قدوة صلى الله عليه وسلم، كانت رسالة ودرس لنا جميعاً، ففي نفس وقت أعظم انتصار في التاريخ الاسلامي كله يوم الفرقان، يصاب النبي صلى الله عليه وسلم بأعظم مصيبة فقدان الإبن، والدنيا مهما كانت عظيمة ينغصها أمران الخوف أن تفارقك هذه النعمة، أو انت تفارق هذه النعمة بالموت. فالدنيا لم نخلق لنخلد فيها، فاليوم نزرع وغداً نحصد.