زواجه من زينب بنت خزيمة


أصبح في بيت النبوة الآن سودة وعائشة وحفص، رضي الله عنهن،

وكانت عائشة المدللة، لأنها بنت الصديق ولصغر سنها، فأخذت حفص تقلد عائشة بدلالها على النبي.

فكانت عائشة تراجع النبي القول، وكذلك حفصة تراجع النبي القول أيضاً، وبعض الأحيان يغضب النبي، ويبقى سائر اليوم مغضباً،

ولكنه يغفر لهما لصغر سنهما، وتسرب خبر تقليدها لعائشة إلى أذن عمر، وقد غضب منها النبي مرة أو مرتين،

فحمل عمر العصاة، وجاء إلى بيت حفص وهو يعلم أن اليوم ليس دورها، فقرع الباب ودخل وعلاها بالعصاة،

وقال: لولا أنك تحملين اسم أم المؤمنين، وأنك زوج لرسول الله، لشججت رأسك شجة منكرة يا حفص، أنسيتي من هو رسول الله؟ مالك ولتقليد عائشة؟ إن عائشة حديثة سن، وإن مكانتها عند رسول الله من مكانة أبيها، فأين أنتِ وأين أبيك؟ إني أحذرك غضب الله ورسوله، فلئن غضب رسول الله، ليغضّبن الله لغضبه، ووالله لولا خُلق رسول الله، لطلقكِ فأين يكون أبوكِ إذا طُلقت أبنتهُ من رسول الله؟ ومضت الأيام حتى إذا ثقل ذلك على النبي من حفص طلقها يوماً. فبقيت حفص في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ووصل الخبر إلى عمر؛ فامضى عمر طوال تلك الليلة، وهو يحثوا الرمل على رأسه، ويقول: ما يعبأ رب عمر بعمر بعد اليوم، وقد طلق النبي ابنته، حتى إذا كان منتصف الليل، أهبط الله جبريل إلى النبي، وقال جبريل: يا رسول الله، إن الله يأمرك أن تراجع حفصة الليلة رحمة بعمر، ولأن حفصة قوامة صوامة وهي زوجتك في الجنة.

وكانت معروفة بكثرة عبادتها وصيامها رضي الله عنها. فأرجعها النبي، وأعلم عمر في صلاة الفجر أن حفص زوج لرسول الله لن يطلقها بعد اليوم أبداً فهي زوجه في الدنيا وزوجه في الاخرة، وتبعث يوم القيامة أم للمؤمنين رضي الله عنها وأرضاها.

وفي رمضان من السنة الثالثة من الهجرة تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت خزيمة، وكانت قد تزوجت مرتين، الاولى في الجاهلية وبعد موته تزوجت عبيدة بن الحارث، واستشهد أثناء المبارزة في بدر، ولم تكن رضي الله عنها ذات جمال، ولكنها كانت طيبة القلب، شديدة العطف على الفقراء والمساكين، حتى أطلق عليها، أم المساكين،

ولذلك كان زواجه منها جبراً لخاطرها، ومواساة لها، كما كان زواجه من السيدة سودة بنت زمعة،

وهكذا كان النبي يضرب مثلاً لكل الصحابة، أن يكون لهم دور اجتماعي في الزواج من الأرامل اللاتي يفقدن أزواجهن، وقد يكون معهن أبناء، ولا مهنة لهن ولا معيل، خصوصاً أن النبي يعلم بحسه السياسي أن الدولة مقبلة على عدد كبير من المواجهات، سواء مع قريش أو غيرها من القبائل، ولابد أن تخلف ورائها أرامل وأيتام وإذا لم يقم الصحابة بالزواج من هؤلاء الأرامل دون النظر لاعتبارات الجمال والمال والنسب، ستنشأ في المدينة مشكلة اجتماعية خطيرة
🌾💐🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *