سار الجيش قليلاً، وفيه كتيبة كثيرة السلاح عددهم حوالي مئة مقاتل،
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: (من هؤلاء؟ فإنهم ليسوا من أصحابنا)
فقال الصحابة: إنهم حلفاء من اليهود لأبي بن سلول، فقال النبي: (هل أسلموا؟) قالوا: لا،
فقال: (إنا لا ننتصر بأهل الكفر على أهل الشرك)، وردهم ورفض الاستعانة بهم، فغضب لرجعتهم ابن سلول وقال كلمته القبيحة: عصاني وأطاع الولدان، وما ندري علام نقتل أنفسنا ها هنا، ارجعوا أيها الناس واستجاب له ثلاثمئة من جيش المسلمين من المنافقين،
فقام لهم الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو ابن حرام فقال: يا قوم أذكركم الله أن تخذُلوا قومكم ونبيكم،
فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم، ولكن لا نرى أنه يكون قتالا، واصروا على الإنسحاب،
قال لهم: أبعدكم الله، أعداء الله، قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا ۚ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا ۖ قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ ۗ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ ۚ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} وقال تعالى: { إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}.
في الطريق وقف الرسول صلى الله عليه وسلم، يستعرض الجيش، فوجد بين الصفوف صغار بالعمر فردهم
وكان هناك غلامين فلما ردهما قيل للنبي: يا رسول الله إن رافع رامياً جيداً، قل أن يخطئ، فلا بأس يا رسول الله لو انك أجزته،
فبكى سمرة فقال: أجاز النبي رافع وردني وأنا اصرعه إذا تصارعنا فسمعها النبي فسُر له وأبتسم وقال له: (أأنت تصرعه؟، تصارعا أمامي)، فتصارعا فصرع سمرة رافع فأجازه النبي، فرغ النبي من استعراض الجيش وقد غابت الشمس فأذن بلال لصلاة المغرب، فصلى بأصحابه، ثم أذن بالعشاء فصلى بهم، واختار النبي صلى الله عليه وسلم خمسين رجلاً ليحرسوا المعسكر يتجولون حوله،
وكان هناك حراسة خاصة للنبي صل الله عليه وسلم