استمر النبي في تفقد القتلى والجرحى فقال: (من يأتيني بخبر سعد بن الربيع)،
فذهب زيد بن ثابت ليبحث عنه فوجده وقد طعن اثنى عشر طعنة، وهو في آخر رمق، فقال له زيد: يا سعد إن رسول الله أمرني أن أنظر انت في الأحياء ام في الأموات قال سعد: فإني في الأموات، فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام وقل له: إن سعدا يقول: جزاك الله عني خير ما جزى نبياً عن أمته، وأخبره أنني قد طعنت اثنتي عشرة طعنة، وقد أنفذت مقاتلي، وأبلغ قومك مني السلام وقل لهم: إن سعدا يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم ومنكم عين تطرف ثم فاضت روحه رضي الله عنه،
فرجع زيد إلى النبي فأخبره فقال: (رحمه الله، نصح لله ولرسوله حياً وميتاً)،
ووجدوا في الجرحى الأُصيرم عمرو بن ثابت، وكانوا من قبل يعرضون عليه الإسلام وهو يرفضه فسألوه: ما الذي جاء بك، مناصرة لقومك، أم رغبة في الإسلام؟فقال: بل رغبة في الإسلام ، فأنا آمنت بالله ورسوله، ثم قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه حتى أصابني ما ترون، ثم فاضت روحه، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (هو من أهل الجنة)، قال أبو هريرة: ولم يُصلِ لله صلاة قط،
وكان في القتلى رجل من اليهود اسمه مُخَيرِيق، وكان حبراً عالماً من أحبار يهود، وكان رجلا غنيا كثير الأموال وكان يعرف رسول الله بصفته، وما يجد في علمه ولكنه لم يسلم، فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أحد أسلم فوقف وقال: يا معشر يهود والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق قالوا: إن اليوم يوم السبت قال: لا سبت لكم ثم أخذ سيفه وعدته وقال: إن أصُبت فأموالي كلها لمحمد، يصنع فيها ما شاء ثم قاتل حتى قتل، واخذ النبي امواله وجعلها صدقة على الفقراء وقال صلى الله عليه وسلم: (مُخيرِيق خير يهود).