: وبعد ان صلى الظهر بهم، جلوساً وصلوا خلفه جلوساً، لانهم جرحا، أمرهم أن يدفنوا الشهداء جماعات، حتى لا يشق عليهم دفن سبعين شهيدا رضي الله عنهم، من الأنصار خمسة وستين، ومن المهاجرين أربعة ومن اليهود واحد، وقتلى المشركين فوق المئة، بدليل قوله تعالى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا}. وأمر بدفن جثث المشركين ايضاً ولا يتركها طعام للطير والسباع
لان الله تعالى قال: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} هذا هي أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم، وكان همّ النبي أن يحملَ حمزة ويدفنه بالبقيع، فلما أشار لأصحابه أن يرفعوا جثة حمزة، تحرك جبل أحد كله، فضربه النبي برجله بأنفعالةً وقال: (أثبت أحد فإنما عليك نبي، وصديق، وشهداء) فسكن، فقال (ادفنوا الشهداء في مضاجعهم، إنَّ نحب أحد وأحد يحبنا، إن أحد جبل على باب الجنة). ثم وقف صلى الله عليه وسلم وقال: (استووا حتى أثني على ربي عز وجل) وقال: (اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت، اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحُول ولا يزول، اللهم إني أسألك العون يوم العيلة، والأمن يوم الخوف، اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك). وكان النبي كلما خرج من المدينة وعاد إليها يقف وينظر الى أحد ويشير إليه ويقول: (هذا جبل يحبنا ونحبه، وهو جبل على باب الجنة).