الرجوع للمدينة

رجع النبي راكبا فرسه، والجميع حوله مشياً على الأقدام كما خرجوا، فما أن دخل الموكب فأول من تلقاه حمنة بنت جحش زوجة مصعب بن عمير، تسأل: أرسول الله بخير؟

فقال لها النبي: (يا حمنة أحتسبي خالك حمزة اسد الله ورسوله) فأحتسبت قال: (يا حمنة احتسبي ايضاً اخوكِ عبدالله بن جحش) فأحتسبت، قال: احتسبي يا حمنة ايضاً زوجك مصعب فولولت، فقال:(سبحان الله إن الرجل من زوجته لبمكان، يا حمنة لما فعلت هذا؟) قالت: يا رسول الله ذكرت قوله تعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم} وإن له أيتام،

قال: (اللهم اخلفها في ايتامه خيراً)،

واذا بامرأة تقول بفزع: ماذا فعل رسول الله؟

فقالوا يا أمةَ الله أحتسبي وأصبري، قد قتل أبوكِ؟ قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما عن هذا سألتكم،

قالوا: وأحتسبي، قد قتل أخوكِ قالت: ما عن هذا سألتكم، يتخذ الله من عباده شهداء،

قالوا: يا أمةَ الله أحتسبي، قتل ابناكي، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما عن هذا سألتكم،

قالوا: يا امةَ الله أحتسبي وأصبري زوجكِ قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما عن هذا سألتكم،

ماذا فعل رسول الله؟ قالوا لها وهم مدهوشين من ردة فعلها، رسول الله بخير كما تحبين وتشتهين قالت:أرونيه أنظر إليه، وكان النبي يسير خلف الجيش ويقول: (خلوا ظهري للملائكة، فإن الملائكة تسير من ورائي)،

فقالوا لها: هذا هو رسول الله؛ قالت: دعوني أسلم عليه فقالوا: يا رسول الله نعينا له الأب والأخ والابناء والزوج فأحتسبت وهي تقول ماذا فعل رسول الله؟ قالت: أما وقد سلمت لنا يارسول الله فلا نبالي بمن عقب بعدك،

وإذ والدة سعد بن معاذ تسأل الجموع أين رسول الله؟ لقد بلغنا أنه قتل، قالوا لها: هو بخير قالت: لا والله لا أنصرف حتى أراه وأكلمه فلما دنى النبي، واذا بسعد ولدها يقود فرس النبي، قال سعد: يا رسول الله هذه أمي قال: (اهلاً بها ومرحباً، أدنوها يا سعد) فقال: (يا أم سعد أحتسبي فقد اصيب ولدك عمرو) قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مادمت عدت لنا سالماً يارسول الله فكل مصاب بعدك جلل، واقتربت من ابنها وقبّلته وشمّته، ثم قالت وهي تكفكف دموعها: الحمد لله الذي ردك سالماً إلينا يارسول الله،فقال لها: (أبشري يا ام سعد وبشري من ورائكِ، أخبريهم يا ام سعد أن الله عزوجل قد كلم الشهداء واسكنهم الفردوس الأعلى وجعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، وحين سألهم ماذا تريدون؟ قالوا: أن تردنا الى الدنيا، فنقتل فيك مرة ثم نرد الى الدنيا فنقتل فيك مرة ثم نرد الى الدنيا ونقتل فيك فقال الله للشهداء: أما وقد سبق القول مني أنهم إليها لا يرجعون قالوا: يارب فمن يخبر اهلنا من خلفنا بما وجدنا ليت إخواننا يعلمون ما أصابنا من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبة، قال لهم الله: انا أبلغهم عنكم، وهبط جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}

🌾
🍓
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *