مأساة بئر معونه

أنتدب النبي سبعين صحابي من القراء ليكونوا خير دعاة لبني عامر، وكتب لهم كتابا لبني عامر،

انطلقوا لما وصلوا بئر معونة، ارسلوا حرام بن ملحان رضي الله عنه، يحمل الكتاب فلما دخل عليه، وعرف بنفسه ومد الكتاب فلم يلتفت إليه، وقال: ما حاجتكم؟ قال: لسنا أصحاب حاجة، ولكننا أرسلنا بأمر من نبينا الى قومكم ندعوهم الى هذا الدين وقد اخذ لنا عمك ابو البراء عهداً وجوار وإني رسول رسول الله إليكم، ندعوكم الى لا إله إلا الله محمد عبده ورسوله، فآمنوا بالله ورسوله،

فأشار ابن الطفيل الى جبار بن سلمي فطعنه بالحربة في ظهره وخرجت من بطنه، فأخذ يمسح الدم بيده ويدهن به وجهه، ويقول: الله أكبر الله أكبر فزت وربِ الكعبة حتى فاضت روحه،

فأستغرب الذي طعنه، قتلته ويقول فزت ما الذي فاز به؟ أولستُ قد قتلته؟ فقالوا: إنها الشهادة عند المسلمين، ثم ذهب جبار الى المدينة وأسلم، فكان قتل الصحابي من سوء أخلاق عامر بن طفيل رد جوار عمه وقتل رسول،

وخرج عامر الى قومه وقال: استعدوا معي لنذهب لبئر معونة ونقتل أصحاب محمد، فرفض قومه الخروج معه، فذهب الى القبائل حوله وجمع ثلاثة قبائل معه وانطلقوا الى المسلمين عند بئر معونة وأخذوا يقاتلونهم وأخذ المسلمون سيوفهم ودافعوا عن أنفسهم، ولكنهم قتلوهم عن آخرهم، لم يبق إلا كعب بن زيد رضي الله عنه الذي جرح وظنوه قد قتل ولكنه عاش، ثم مات شهيدا بعد ذلك بعام واحد في غزوة الخندق،

كان اثنين من الصحابة قد تأخرا عنهما في الطريق وهما المنذر بن عقبة، وعمرو بن أمية، فوجدوا الطيور تحوم في السماء فوق معسكر المسلمين عند بئر معونة فقالا: والله ان لهذه الطيور لشأن، وأسرعا الى أصحابهم، فوجدوهم قد قتلوا، فانطلقا يقاتلان هما أيضا فقتل المنذر بن عقبة، ووقع عمرو بن أمية في الأسر ثم أعتقه عامر بن طفيل ولم يقتله وانطلق رضي الله عنه راجعاً الى المدينة وفي الطريق لقي، رجلين وعلم أنهما من بني عامر ونزلا تحت ظل شجرة، فلما ناما قتلهما ثأرا للصحابة، ولكن هذان الرجلين كان معهما عهداً من النبي، فقد جاء خبر هذين القتيلين مع خبر استشهاد السبعين من صحابته، وكذلك وصل الخبر الرجيع في نفس التوقيت، فكانت مأساة شديدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وغلب الحزن الشديد لانهم قتلوا بالغدر ومن شدة الحزن اخذ النبي يدعوا عليهم شهرا كاملاً، يرفع يديه في الدعاء، حتى يسقط ردائه عن منكبيه.

ومع كل هذا أراد أداء الدية لهذين القتيلين اللذين قُتلا عن طريق الخطأ،

وأما ابو البراء ملاعب الاسنة أصابه غيض شديد ورجع للنبي أو ارسل رسولاً يعتذر عن ما فعله ابن اخيه، ويعلن اسلامه

فقبل النبي عذره، ثم مات غيظاً وقهراً لانه انتهك جواره مع اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

🌾
🪷
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *